رسالة إلى الحبيب
الخميس يناير 29, 2009 11:37 am
د.خالد الطراولي**
هل نحن أهل لمحبته؟
من وراء اللحود، من وراء الحدود، بعيدا في الزمان والمكان، تفصلني عنك يا سيدي الكريم البحار والأخاديد، ولكن قلبي عنك ما انفصل.. أردت مناجاتك أردت مخاطبتك، مساررتك وأنت من أنت في مكانته، وأنا الفقير في أرض الله وتحت سمائه، أهنئ نفسي أم أعزيها؟ بماذا أبدأ شكواي وعن ماذا أحدثك.
تركت يا سيدي بلاد بلقيس واحدة، فصار لعقود طوال اليمن يمنين، وكاد لبنان أن يصبح لبنانين، والسودان في الطريق إلى سودانين، حتى "بلغ الإعجاز لدينا أن الواحد منا يستطيع أن يكون من نفس فرقة ناجية، ثم لا يلبث نصفه الأيمن أن يعلن انشقاقه على نصفه الأيسر"!!.
أذلة مستضعفين!
هل تعلم يا سيدي أننا أصبحنا كثرة حتى إنك تجد آثارنا في كل ناحية من هذه الأرض، لكننا لم يُجْدِ كمّنا، فالكيف قد انحسر وغاب..، أصبحنا أذلة مستضعفين، نمشي الهوينا، نحاذي الجدران على استحياء، حتى لا نوقظ الجيران أو نستثير غضبهم وويلاتهم...
وضعنا المشانق ومحاكم التفتيش لمن خالفنا الرأي من أبناء جلدتنا، من بين أحفادك، وكثرت جرائمنا، وانتزعنا الرأفة والرحمة من قلوبنا، حتى حفرنا المقابر الجماعية لأبناء وطننا، ورششنا المواد السامة على أطفالنا وعجائزنا، ونسينا ما تركته فينا... حتى قيل فينا: "إن امتيازنا الوحيد هو أننا شعب بإمكان أي مواطن فيه أن يكفّر جميع المواطنين، ويحجز الجنة التي عرضها السماوات والأرض له وحده"!!.
عن أبي هريرة أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فصلى، قال ابن عبدة ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد تحجرت واسعا"، ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد فأسرع الناس إليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين صبوا عليه سجلا من ماء أو قال ذنوبا من ماء (صححه الألباني).
وأرهبنا الناس يا سيدي... حتى ضاقوا ذرعا بنا، ولولا أن دينك سمح معقول، وسهل الاستساغة والقبول، لنبذه الناس من حالنا، فقد فتناهم بضعفنا وفقرنا وتخلفنا، وكادوا يربطون دينك بسلوكنا وتصرفاتنا، ونسينا أننا أصحاب مشروع رحمة ورفق ولطف وإنسانية.. قيل لك يا رسول الله ادع على المشركين، فقلت: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً" رواه مسلم.
لعلك يا سيدي تسأل عن أحفاد حمزة وخالد وعلي والقعقاع وسعد وعقبة وطارق، لعلك تسأل عمن خلف ابن الخطاب وابن عبد العزيز في حكمهم وعدلهم وسؤددهم، إني لأستحي حياء العذراء عن إجابتك! هل أقول لك عجزت النساء أن يلدن أمثالهم؟ أم أقول لك عجزنا أن نكون أتباعهم؟ هل أقول ظلمنا الناس وما كنا لأنفسنا ظالمين؟ أم أقول لك... بأيد مرتعشة، وألسنة مضطربة... حتى لا تفهم قولي.. حتى لا أجرح مشاعرك.. حتى لا أبخس آمالك فينا.. حتى لا تقول عنا يوم نلقاك سحقا سحقا، فما هم أصحابي، ما هم أحبابي، ما هم من أمتي.. عذرا يا سيدي لن أجيب، لن أجيب، لن أجيب...
هذا حالنا يا سيدي ولكن بشائرك لم ننسها ولن ننساها، وهي آمالنا وأحلام يقظتنا، ودافعنا إلى النهوض والتوكل وعدم التواكل... "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأرْضَ أَوْ قَالَ إِنَّ رَبِّي زَوَى لِي الأرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ ولا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ".
حملت يا سيدي هموم الأمة وأردتها عالية بين الأمم، وتركتها وأنت راض عنها، فكان الأجداد وبنوا حضارة، ثم خلف الأحفاد وأضحوا أجلافا إلا من رحم ربك وهم قليل، يتذللون على موائد الغير ويأكلون الفتات ويعيشون مع الأموات. كان مشروعك مشروع أمة سهرت عليه الليالي، كنت منتصبا بالليل قائما بالنهار.
ما أنصفناك..!
عذرا يا سيدي فقد أنصفك الغير وما أنصفك قومك، وهذا ملاذي وخلاصي؛ فاسمع يا سيدي هذه الكلمات على حياء من تقصيري وجهلي لعلها أن تزيد أملي وتنزع إحباطي وتفتح عيني على عظمتك ورحمتك...
فهذا الإنكليزي "برناردشو" يُحيي ذكراك وهو من غير ملتك، اعتبارا لشأنك واحتراما لمشروعك: "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدا خلود الأبد، وإني أرى كثيرا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة"!!.
وهذا الأمريكي "مايكل هارت" يجعلك الأول بين العظام في التاريخ وقد غفلنا عن عظمتك وتجاهلنا مركزك ومكانتك: "إن اختياري محمدا ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي"!!!.
وهذا الفرنسي "لا مرتين" لا يهضمك حقك ولعله قد هضمناه لما تنكرنا لإرثك واستحيينا من حمله عاليا بين الأمم: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد"!!!.
ولم يسع رجلا في سماحته كـ"غاندي" إلا أن يبادلك لطفه وتقديره، وقد تناسينا سلوكك ويومك وليلك ورفقك وزهدك: "لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته".
وهذا الروسي "تولستوي" يتنبأ لك ولمشروعك بالسيادة رغم هناتنا وضعفنا وكأننا قد استبدلنا الله وجعل شرف الحمل لغيرنا: "يكفي محمدا فخرا أنه خلّص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم، وأن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة"!!!.
عذرا يا سيدي على الإطالة، أعلم أني لم أطيب خاطرك ولكن هذا حالي وحال أمتك. ورغم المطبات والأزقة، رغم المنافي والأخاديد؛ فما زلت متفائلا بأن إرهاصات النهوض قد غلبت وداعات المثوى الأخير، وأن المارد قد تمدد، والرماد قد تمرد، والأفق قد تلبد، والضمير قد تنهد، والسيد قد تسيد، وإن الصبح لقريب...!.
هل نحن أهل لمحبته؟
من وراء اللحود، من وراء الحدود، بعيدا في الزمان والمكان، تفصلني عنك يا سيدي الكريم البحار والأخاديد، ولكن قلبي عنك ما انفصل.. أردت مناجاتك أردت مخاطبتك، مساررتك وأنت من أنت في مكانته، وأنا الفقير في أرض الله وتحت سمائه، أهنئ نفسي أم أعزيها؟ بماذا أبدأ شكواي وعن ماذا أحدثك.
تركت يا سيدي بلاد بلقيس واحدة، فصار لعقود طوال اليمن يمنين، وكاد لبنان أن يصبح لبنانين، والسودان في الطريق إلى سودانين، حتى "بلغ الإعجاز لدينا أن الواحد منا يستطيع أن يكون من نفس فرقة ناجية، ثم لا يلبث نصفه الأيمن أن يعلن انشقاقه على نصفه الأيسر"!!.
أذلة مستضعفين!
هل تعلم يا سيدي أننا أصبحنا كثرة حتى إنك تجد آثارنا في كل ناحية من هذه الأرض، لكننا لم يُجْدِ كمّنا، فالكيف قد انحسر وغاب..، أصبحنا أذلة مستضعفين، نمشي الهوينا، نحاذي الجدران على استحياء، حتى لا نوقظ الجيران أو نستثير غضبهم وويلاتهم...
وضعنا المشانق ومحاكم التفتيش لمن خالفنا الرأي من أبناء جلدتنا، من بين أحفادك، وكثرت جرائمنا، وانتزعنا الرأفة والرحمة من قلوبنا، حتى حفرنا المقابر الجماعية لأبناء وطننا، ورششنا المواد السامة على أطفالنا وعجائزنا، ونسينا ما تركته فينا... حتى قيل فينا: "إن امتيازنا الوحيد هو أننا شعب بإمكان أي مواطن فيه أن يكفّر جميع المواطنين، ويحجز الجنة التي عرضها السماوات والأرض له وحده"!!.
عن أبي هريرة أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فصلى، قال ابن عبدة ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد تحجرت واسعا"، ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد فأسرع الناس إليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين صبوا عليه سجلا من ماء أو قال ذنوبا من ماء (صححه الألباني).
وأرهبنا الناس يا سيدي... حتى ضاقوا ذرعا بنا، ولولا أن دينك سمح معقول، وسهل الاستساغة والقبول، لنبذه الناس من حالنا، فقد فتناهم بضعفنا وفقرنا وتخلفنا، وكادوا يربطون دينك بسلوكنا وتصرفاتنا، ونسينا أننا أصحاب مشروع رحمة ورفق ولطف وإنسانية.. قيل لك يا رسول الله ادع على المشركين، فقلت: "إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً" رواه مسلم.
لعلك يا سيدي تسأل عن أحفاد حمزة وخالد وعلي والقعقاع وسعد وعقبة وطارق، لعلك تسأل عمن خلف ابن الخطاب وابن عبد العزيز في حكمهم وعدلهم وسؤددهم، إني لأستحي حياء العذراء عن إجابتك! هل أقول لك عجزت النساء أن يلدن أمثالهم؟ أم أقول لك عجزنا أن نكون أتباعهم؟ هل أقول ظلمنا الناس وما كنا لأنفسنا ظالمين؟ أم أقول لك... بأيد مرتعشة، وألسنة مضطربة... حتى لا تفهم قولي.. حتى لا أجرح مشاعرك.. حتى لا أبخس آمالك فينا.. حتى لا تقول عنا يوم نلقاك سحقا سحقا، فما هم أصحابي، ما هم أحبابي، ما هم من أمتي.. عذرا يا سيدي لن أجيب، لن أجيب، لن أجيب...
هذا حالنا يا سيدي ولكن بشائرك لم ننسها ولن ننساها، وهي آمالنا وأحلام يقظتنا، ودافعنا إلى النهوض والتوكل وعدم التواكل... "إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الأرْضَ أَوْ قَالَ إِنَّ رَبِّي زَوَى لِي الأرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ مُلْكَ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ والأبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ ولا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ".
حملت يا سيدي هموم الأمة وأردتها عالية بين الأمم، وتركتها وأنت راض عنها، فكان الأجداد وبنوا حضارة، ثم خلف الأحفاد وأضحوا أجلافا إلا من رحم ربك وهم قليل، يتذللون على موائد الغير ويأكلون الفتات ويعيشون مع الأموات. كان مشروعك مشروع أمة سهرت عليه الليالي، كنت منتصبا بالليل قائما بالنهار.
ما أنصفناك..!
عذرا يا سيدي فقد أنصفك الغير وما أنصفك قومك، وهذا ملاذي وخلاصي؛ فاسمع يا سيدي هذه الكلمات على حياء من تقصيري وجهلي لعلها أن تزيد أملي وتنزع إحباطي وتفتح عيني على عظمتك ورحمتك...
فهذا الإنكليزي "برناردشو" يُحيي ذكراك وهو من غير ملتك، اعتبارا لشأنك واحتراما لمشروعك: "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدا خلود الأبد، وإني أرى كثيرا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة"!!.
وهذا الأمريكي "مايكل هارت" يجعلك الأول بين العظام في التاريخ وقد غفلنا عن عظمتك وتجاهلنا مركزك ومكانتك: "إن اختياري محمدا ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي"!!!.
وهذا الفرنسي "لا مرتين" لا يهضمك حقك ولعله قد هضمناه لما تنكرنا لإرثك واستحيينا من حمله عاليا بين الأمم: "إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد"!!!.
ولم يسع رجلا في سماحته كـ"غاندي" إلا أن يبادلك لطفه وتقديره، وقد تناسينا سلوكك ويومك وليلك ورفقك وزهدك: "لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته".
وهذا الروسي "تولستوي" يتنبأ لك ولمشروعك بالسيادة رغم هناتنا وضعفنا وكأننا قد استبدلنا الله وجعل شرف الحمل لغيرنا: "يكفي محمدا فخرا أنه خلّص أمة ذليلة دموية من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريق الرقي والتقدم، وأن شريعة محمد ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة"!!!.
عذرا يا سيدي على الإطالة، أعلم أني لم أطيب خاطرك ولكن هذا حالي وحال أمتك. ورغم المطبات والأزقة، رغم المنافي والأخاديد؛ فما زلت متفائلا بأن إرهاصات النهوض قد غلبت وداعات المثوى الأخير، وأن المارد قد تمدد، والرماد قد تمرد، والأفق قد تلبد، والضمير قد تنهد، والسيد قد تسيد، وإن الصبح لقريب...!.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى