محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه..(7)
الإثنين يناير 26, 2009 8:06 am
محمد صلى الله عليه وسلم حليماً..
ما دام أنه رسول الله فلابد أن يكون أحلم الناس وأوسعهم صدرا..وألينهم عريكة وأدمثهم خلقاً وألطفهم عشرة..
فقد كان يكظم غيظه ويعفو ويصفح ويغفر لمن زل ..ويتنازل عن حقوقه الخاصة ما لم تكن حقوقاً لله..
وقد عفا عمن ظلمه وطرده من وطنه وآذاه وسبه وشتمه..وحاربه..فقال لهم يوم الفتح:
( اذهبوا فأنتم الطلقاء)..
وعفا عن ابن عمه سفيان بن الحارث يوم الفتح لما وقف أمامه وقال له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين..فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)..[يوسف:الآية92]..
وقد واجهه الأعراب بالجفاء وسوء الأدب..فحلم وصفح ..وقد امتثل لأمر ربه في قوله:
( فاصفح الصفح الجميل)..[ الحجر: الآية 85] ..فكان لا يكافئ على السيئة بالسيئة بل يعفو ويصفح وكان لا ينفذ غضبه إذا كان لنفسه..ولا ينتقم لشخصه ..بل إذا غضب ازداد حلماً..وربما تبسم في وجه من أغضبه..ونصح أحد أصحابه فقال: ( لا تغضب لا تغضب لا تغضب)..
وكان يبلغه الكلام السيئ فيه..فلا يبحث عمن قاله ولا يعاتبه ولا يعاقبه..وورد عنه أنه قال:
( لا يبلغني أحد منكم ما قيل فيَّ..فإني أحب أن أخرج إليك وأنا سليم الصدر),,
وبلغه ابن مسعود كلاماً قيل فيه..فتغير وجهه..وقال: ( رحم الله موسى ,,أوذي بأكثر من هذا فصبر),,
وقد أوذي من خصومه في رسالته وعرضه وسمعته وأهله..فلما قدر عليهم عفا عنهم وحلم عليهم..وقال:
( من كف غضبه كف الله عنه عذابه)..
وقال له رجل: اعدل..فقال: ( خبت وخسرت إذا لم أعدل)..ولم يعاقبه بل صفح عنه..وواجهه بعض اليهود بما يكره..فعفا وصفح وقد وسع بخلقه وتسامحه الناس..وأطفأ بحلمه نار العداوات ممتثلاً قول ربه:
( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ..نحن أعلم بما يصفون)..[ المؤمنون: الآية 96]..
وكان مع أهله أحلم الناس..يمازحهم ويلاطفهم ويعفو عنهم فيما يصدر منهم..ويدخل عليهم بساماً ضحاكاً ..يملأ قلوبهم وبيوتهم أنساً وسعادة..
يقول خادمه أنس بن مالك:
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما قال لي في شيء فعلته:
لم فعلت هذا؟
ولا في شيء لم أفعله: لم لم تفعل هذا؟
وهذا غاية الحلم ونهاية حسن الخلق..وقمة جميل السجايا ولطيف العشرة..
بل كان كل من رافقه أو صاحبه أو بايعه يجد من لطفه ووده وحلمه ما يفوق الوصف..حتى تمكن حبه من القلوب فتعلقت به الأرواح ومالت له نفوس الناس بالكلية:
وإذا رحمت فأنت أم أو أبٌ
هذان في الدنيا هم الرحماء
وإذا سخوت بلغتَ بالجود المدى
وفعلتَ ما لم تفعل الأنواءُ
وإذا صحبتَ رأى الوفاءَ مجسماً
في بُردك الأصحاب والخلطاء
وأبديتَ حلمك للسفيه مدارياً
حتى يضيق بحلمك السفهاء
*************************
* محمد صلى الله عليه وسلم رحيماً..
وصفه ربه بقوله: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)..[ الأنبياء: الآية107]..فهو رحمة للبشرية..
وورد عنه أنه قال: ( إنما أنا رحمة مهداه)..ورأى ولد إحدى بناته تفيض روحه فبكى..فلما سئل عن ذلك قال:
( هذه رحمة يضعها الله في قلب من يشاء من عباده..وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)..
وكان رحمة على القريب والبعيد..عزيز عليه أن يدخل على الناس مشقة ..فكان يخفف بالناس مراعاة لأحوالهم..وربما أراد أن يطيل في الصلاة فيسمع بكاء الطفل فيخفف لئلا يشق على أمه..
ولما بكت أمامة بنت زينت ابنته حملها وهو يصلي بالناس..فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها..
وسجد مرة فصعد الحسن على ظهره فأطال السجود..فلما سلم اعتذر للناس وقال:
( إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أرفع رأسي حتى ينزل)..وقال: ( من أمَّ منكم الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة)..وقال لمعاذ لما طوَّل بالناس:
( أفتَّان أنت يا معاذ؟) وقال: ( لولا أن أشق على الناس لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة),,
وربما ترك العمل خشية أن يفرض على الناس وكان يتخول أصحابه بالموعظة..
كل ذلك رحمة منه عليه الصلاة والسلام..وكان يقول: ( والقصد القصد تبلغوا)..ويقول: ( بعثت بالحنيفية السمحة),,ويقول: ( خير دينكم أيسره)..ويقول: ( عليكم هدياً قاصداً)..ويقول:
( خذوا من العمل ماتطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)..
وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً..وأنكر على الثلاثة الذين شددوا على أنفسهم في العبادة وقال: ( والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له..ولكنني أقوم وأنام وأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني)..
وأفطر في سفر في رمضان وقصر الرباعية وجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في السفر..
ونادى مؤذنه في المطر أن صلوا في رحالكم وقال:
( هلك المتنطعون)..وقال: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه))..
وأنكر على عبد الله بن عمرو بن العاص إرهاق نفسه بالعبادة..ويقول: ( إياكم والغلو)..
ويروى عنه قوله: ( أمتي أمة مرحومة)..وقال: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)..
وهذا اليسر في حياته عليه الصلاة والسلام يوافق يسر الملة وسهولة الشريعة ..وهو امتثال منه صلى الله عليه وسلم لقول ربه: ( ونيسرك لليسرى).. [ الأعلى: الآية 8]..
( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)..[ البقرة: الآية 286]..( فاتقوا الله ما استطعتم)..[ التغابن: الآية 16]..
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)..[ البقرة: الآية 185]..
( وما جعل عليكم في الدين من حرج)..[ الحج: الآية 78]..
فهو صلى الله عليه وسلم سهل ميسر رحيم في رسالته ودعوته وعبادته وصلاته وصومه وطعامه وشرابه ولباسه وحله وترحاله وأخلاقه بل حياته مبنية على اليسر لأنه جاء لوضع الآصار والأغلال عن الأمة..
فليس اليسر أصلاً إلا معه..ولا يوجد اليسر إلا في شريعته..
فهو اليسر كله وهو الرحمة والرفق بنفسه صلى الله عليه وسلم..
**********************************
د/ عايض القرني
ما دام أنه رسول الله فلابد أن يكون أحلم الناس وأوسعهم صدرا..وألينهم عريكة وأدمثهم خلقاً وألطفهم عشرة..
فقد كان يكظم غيظه ويعفو ويصفح ويغفر لمن زل ..ويتنازل عن حقوقه الخاصة ما لم تكن حقوقاً لله..
وقد عفا عمن ظلمه وطرده من وطنه وآذاه وسبه وشتمه..وحاربه..فقال لهم يوم الفتح:
( اذهبوا فأنتم الطلقاء)..
وعفا عن ابن عمه سفيان بن الحارث يوم الفتح لما وقف أمامه وقال له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين..فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)..[يوسف:الآية92]..
وقد واجهه الأعراب بالجفاء وسوء الأدب..فحلم وصفح ..وقد امتثل لأمر ربه في قوله:
( فاصفح الصفح الجميل)..[ الحجر: الآية 85] ..فكان لا يكافئ على السيئة بالسيئة بل يعفو ويصفح وكان لا ينفذ غضبه إذا كان لنفسه..ولا ينتقم لشخصه ..بل إذا غضب ازداد حلماً..وربما تبسم في وجه من أغضبه..ونصح أحد أصحابه فقال: ( لا تغضب لا تغضب لا تغضب)..
وكان يبلغه الكلام السيئ فيه..فلا يبحث عمن قاله ولا يعاتبه ولا يعاقبه..وورد عنه أنه قال:
( لا يبلغني أحد منكم ما قيل فيَّ..فإني أحب أن أخرج إليك وأنا سليم الصدر),,
وبلغه ابن مسعود كلاماً قيل فيه..فتغير وجهه..وقال: ( رحم الله موسى ,,أوذي بأكثر من هذا فصبر),,
وقد أوذي من خصومه في رسالته وعرضه وسمعته وأهله..فلما قدر عليهم عفا عنهم وحلم عليهم..وقال:
( من كف غضبه كف الله عنه عذابه)..
وقال له رجل: اعدل..فقال: ( خبت وخسرت إذا لم أعدل)..ولم يعاقبه بل صفح عنه..وواجهه بعض اليهود بما يكره..فعفا وصفح وقد وسع بخلقه وتسامحه الناس..وأطفأ بحلمه نار العداوات ممتثلاً قول ربه:
( ادفع بالتي هي أحسن السيئة ..نحن أعلم بما يصفون)..[ المؤمنون: الآية 96]..
وكان مع أهله أحلم الناس..يمازحهم ويلاطفهم ويعفو عنهم فيما يصدر منهم..ويدخل عليهم بساماً ضحاكاً ..يملأ قلوبهم وبيوتهم أنساً وسعادة..
يقول خادمه أنس بن مالك:
خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما قال لي في شيء فعلته:
لم فعلت هذا؟
ولا في شيء لم أفعله: لم لم تفعل هذا؟
وهذا غاية الحلم ونهاية حسن الخلق..وقمة جميل السجايا ولطيف العشرة..
بل كان كل من رافقه أو صاحبه أو بايعه يجد من لطفه ووده وحلمه ما يفوق الوصف..حتى تمكن حبه من القلوب فتعلقت به الأرواح ومالت له نفوس الناس بالكلية:
وإذا رحمت فأنت أم أو أبٌ
هذان في الدنيا هم الرحماء
وإذا سخوت بلغتَ بالجود المدى
وفعلتَ ما لم تفعل الأنواءُ
وإذا صحبتَ رأى الوفاءَ مجسماً
في بُردك الأصحاب والخلطاء
وأبديتَ حلمك للسفيه مدارياً
حتى يضيق بحلمك السفهاء
*************************
* محمد صلى الله عليه وسلم رحيماً..
وصفه ربه بقوله: ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)..[ الأنبياء: الآية107]..فهو رحمة للبشرية..
وورد عنه أنه قال: ( إنما أنا رحمة مهداه)..ورأى ولد إحدى بناته تفيض روحه فبكى..فلما سئل عن ذلك قال:
( هذه رحمة يضعها الله في قلب من يشاء من عباده..وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)..
وكان رحمة على القريب والبعيد..عزيز عليه أن يدخل على الناس مشقة ..فكان يخفف بالناس مراعاة لأحوالهم..وربما أراد أن يطيل في الصلاة فيسمع بكاء الطفل فيخفف لئلا يشق على أمه..
ولما بكت أمامة بنت زينت ابنته حملها وهو يصلي بالناس..فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها..
وسجد مرة فصعد الحسن على ظهره فأطال السجود..فلما سلم اعتذر للناس وقال:
( إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أرفع رأسي حتى ينزل)..وقال: ( من أمَّ منكم الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والصغير والمريض وذا الحاجة)..وقال لمعاذ لما طوَّل بالناس:
( أفتَّان أنت يا معاذ؟) وقال: ( لولا أن أشق على الناس لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة),,
وربما ترك العمل خشية أن يفرض على الناس وكان يتخول أصحابه بالموعظة..
كل ذلك رحمة منه عليه الصلاة والسلام..وكان يقول: ( والقصد القصد تبلغوا)..ويقول: ( بعثت بالحنيفية السمحة),,ويقول: ( خير دينكم أيسره)..ويقول: ( عليكم هدياً قاصداً)..ويقول:
( خذوا من العمل ماتطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)..
وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً..وأنكر على الثلاثة الذين شددوا على أنفسهم في العبادة وقال: ( والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له..ولكنني أقوم وأنام وأصوم وأفطر فمن رغب عن سنتي فليس مني)..
وأفطر في سفر في رمضان وقصر الرباعية وجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في السفر..
ونادى مؤذنه في المطر أن صلوا في رحالكم وقال:
( هلك المتنطعون)..وقال: ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه))..
وأنكر على عبد الله بن عمرو بن العاص إرهاق نفسه بالعبادة..ويقول: ( إياكم والغلو)..
ويروى عنه قوله: ( أمتي أمة مرحومة)..وقال: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)..
وهذا اليسر في حياته عليه الصلاة والسلام يوافق يسر الملة وسهولة الشريعة ..وهو امتثال منه صلى الله عليه وسلم لقول ربه: ( ونيسرك لليسرى).. [ الأعلى: الآية 8]..
( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)..[ البقرة: الآية 286]..( فاتقوا الله ما استطعتم)..[ التغابن: الآية 16]..
( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)..[ البقرة: الآية 185]..
( وما جعل عليكم في الدين من حرج)..[ الحج: الآية 78]..
فهو صلى الله عليه وسلم سهل ميسر رحيم في رسالته ودعوته وعبادته وصلاته وصومه وطعامه وشرابه ولباسه وحله وترحاله وأخلاقه بل حياته مبنية على اليسر لأنه جاء لوضع الآصار والأغلال عن الأمة..
فليس اليسر أصلاً إلا معه..ولا يوجد اليسر إلا في شريعته..
فهو اليسر كله وهو الرحمة والرفق بنفسه صلى الله عليه وسلم..
**********************************
د/ عايض القرني
- ammarkoمشرف عام
عدد الرسائل : 430
العمر : 38
نقاط : 475
تاريخ التسجيل : 12/08/2008
رد: محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه..(7)
السبت مايو 09, 2009 9:03 pm
شكررررررررررررررررررررررررررررا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى