- nesrineمراقب على جميع الاسلامية
عدد الرسائل : 304
العمر : 43
نقاط : 627
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
(تابع) سلسلة أحاديث وفوائد (1) حديث عرض الأمم
الثلاثاء يوليو 07, 2009 7:56 am
فهل تدرك هذه الأمة معنى السيادة والريادة والخيرية ؟ وتعلم أن لها خصائص لن تتحقق إلا بتحقيق شروط الاستخلاف .
3- صفات أهل التميز من المؤمنين :
والفائدة الثالثة المهمة من هذا الحديث صفات أهل التميز من المؤمنون من هذه الأمة يوم القيامة وهم السبعون ألفا الذين يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ , فلقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض صفاتهم فقال : \" هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ\". فقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( هم الذين لا يرقون ولا يستَرْقَون ولا يكتوون ولا يتطيّرون )) ، اختلف الناس في معنى هذا الحديث وعلى ماذا يُحمل ، فحمله الإمام المازَرِيّ على أنّهم الذين جانبوا اعتقاد الطبائعيّين في أنّ الأدوية تنفع بطباعها واعتقاد الجاهليّة في ذلك ورقاهم . وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه ؛ إذ مقصوده إثبات مزيَّةٍ وخصوصيّةٍ لهؤلاء السبعين ألفًا ، وما ذكره يرفع المزيّة والخصوصيّة ، فإنّ مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافَّةً ، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك ، لم يكن مسلمًا . ثمّ إنّ ظاهر لفظ الحديث إنّما هو : (( لا يرقون ولا يكتوون )) ؛ أي : لا يفعلون هذه الأمور ، وما ذكره خروج عنه من غير دليل . وقال الداوديّ . المراد بذلك الذين يجتنبون فع له في الصحّة ، فإنّه يُكره لمن ليست به علّة أن يتّخذ التمائم ويستعمل الرقى ، فأمّا من يستعمل ذلك من مرضٍ به ، فهو جائز . وهذا إن صحّ أن يقال في التمائم وفي بعض الرقي ، فلا يصحّ أن يقال في التعويذات ، وهي من باب الرقي ؛ إذ قد يجوز أن يتعوّذ من الشرور كلّها قبل وقوعها . ولا يصح ذلك في التطبب ، فإنه يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها.وذهب الخطّابيّ وغيره إلى أنّ وجه ذلك أن يكون تركُها على جهة التوكّل على الله والرضا بما يقضيه من قضاء وينزل من بلاء ، قال . وهذه أرفع درجات المتحقِّقين بالإيمان ، قال . وإلى هذا ذهب جماعة من السلف ، وسمّاهم . قال القاضي أبو الفضل عياض . وهذا هو ظاهر الحديث ؛ ألا ترى قوله : (( وعلى ربّهم يتوكّلون )). ( المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم : أبو العبَّاس الأنصاريُّ القرطبيُّ ، 3/89 ) .
وقال ابن حجر \" لقد رَقَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَى النَّبِيّ أَصْحَابه وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الرُّقَى وَقَالَ \" مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ \" وَالنَّفْعُ مَطْلُوبٌ . قَالَ : وَأَمَّا الْمُسْتَرِقِي فَإِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ وَيَرْجُو نَفْعَهُ ، وَتَمَامُ التَّوَكُّلِ يُنَافِي ذَلِكَ . قَالَ : وَإِنَّمَا الْمُرَاد وَصْف السَّبْعِينَ بِتَمَامِ التَّوَكُّل فَلَا يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَرْقِيَهُمْ ، وَلَا يَكْوِيهِمْ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ شَيْءٍ . وَقَدْ رُقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَى وَفَعَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ ، فَلَوْ كَانَ مَانِعًا مِنْ اللَّحَاقِ بِالسَّبْعِينَ أَوْ قَادِحًا فِي التَّوَكُّل لَمْ يَقَعْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ وَأَفْضَلُ مِمَّنْ عَدَاهُمْ . ( ابن حجر : الفتح 18/389 ) . وقيل : ( لا يسترقون ) لا يفعلون الرقية اعتمادا كليا على الله عز و جل , ولا يطلبون الرقية من أحد توكلاً منهم على الله، أو يتركون الرقى بغير ما ورد عن النبي عليه السلام. ( لا يتطيرون ) لا يتشاءمون بالطيور . التفاؤل والتشاؤم بالطير ، وذلك إذا شرع أحدهم في حاجة وطار الطير عن يمينه يراه مباركا ، وإن طار عن يساره يراه غير مبارك ( لا يكتوون ) أي لا يتداوون بالكي . ( يتوكلون ) يفوضون الأمر إليه تعالى وإن تعاطوا الأسباب. ( راجع : إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض 1/390 , شرح النووي على مسلم 3/90 , شرح سنن ابن ماجه للسيوطي 1 /249 , وفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 1/490 ).
فالمؤمنون الخالصون المخلصون هم الذين لا يفعلون رقى الشرك التي يقوم بها الدجاجلة والمشعوذون , كما أنهم لا يعرفون التشاؤم والتطير الذي ينافي التوكل فهم يحسنون التوكل على الله تعالى في كل أمورهم . وقد حَضَّ الله عباده المؤمنين على التوكل في مواضع عديدة من الكتاب العزيز، وبيَّن سبحانه ثمراته وفضائله قال تعالى: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 9المائدة:23، وقال : (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )التوبة:51، وقوله تعالى: )وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )الطلاق:3، وقوله جل وعلا)فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران:159، وقال سبحانه واصفاً عباده المؤمنين في معرض الثناء والمدح )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (الأنفال:2.
وصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه أنه قال: \" إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّه وأَجْملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودَعُوا ما حَرُم ) \" رواه ابن ماجة والحاكم وابن حبان) .
وقال عمر رضي اللّه عنه: بين العبد وبين رزقه حجاب، فإن قَنَعَ ورضيت نفسه أتاه رزقُه، وإن اقتحم وهتك الحجاب لم يُزَدْ فوق رزقه.
وقال بعض السلف: توكَّلْ تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعبٍ ولا تكلف.
قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك.
دخل رجل في غير وقت الصلاة فوجد غلاما يبلغ العاشرة من عمره قائما يصلي بخشوع ، فانتظر حتى انتهى الغلام من صلاته فجاء إليه وسلم عليه وقال : يا بني ابن من أنت ؟ فطأطأ برأسه وانحدرت دمعة عل خده ثم رفع رأسه وقال : يا عم إني يتيم الأب والأم ، فرق له الرجل ، وقال له : أترضى أن تكون ابنا لي ؟ فقال الغلام : هل إذا جعت تطعمني ؟ قال : نعم ، فقال الغلام : هل إذا عريت تكسوني ؟ قال نعم ، قال الغلام : هل إذا مت تحييني ؟ قال الرجل : ليس إلى ذلك سبيل .قال الغلام فدعني يا عم للي خلقني فهو يهدين ، والي يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي اطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين.فسكت الرجل ومضى لحاله وهو يقول : آمنت بالله ، من توكل عل الله كفاه .( على نايف الشحود : موسوعة البحوث والمقالات العلمية 18) .
وحكي أن حاتما الأصم كان رجلا كثير العيال وكان له أولاد ذكور وإناث ولم يكن يملك حبة واحدة وكان قدمه التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم فتعرضوا لذكر الحج فداخل الشوق قلبه ثم دخل على أولاده فجلس معهم يحدثهم ثم قال لهم لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا ويدعو لكم ماذا عليكم لو فعلتم فقالت زوجته وأولاده أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا ونحن على ما ترى من الفاقة فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحالة وكان له ابنة صغيرة فقالت ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك دعوه يذهب حيث شاء فإنه مناول للرزق وليس برزاق فذكرتهم ذلك فقالوا صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا انطلق حيث أحببت فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج وخرج مسافرا وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون لو سكت ما تكلمنا فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك وأنك لا تضيعهم فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه فحصل له عطش شديد فاجتاز ببيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء وقرع الباب فقالوا من أنت قال الأمير ببابكم يستسقيكم فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي سبحانك البارحة بتنا جياعا واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا ثم أنها أخذت كوزا جديدا وملأته ماء وقالت للمتناول منها اعذرونا فأخذ الأمير الكوز وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال هذه الدار لأمير فقالوا لا والله بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم فقال الأمير لقد سمعت به فقال الوزير يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا فقال الأمير ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمى بها في الدار ثم قال لأصحابه من أحبني فليلق منطقته فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا فقال الوزير السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق فلما أنزل الأمير رجع إليهم الوزير ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا واستردها منهم فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا فقالوا لها ما هذا البكاء إ نما يجب أن تفرحي فإن الله قد وسع علينا فقالت يا أم والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين ( الإبشيهي : المستطرف 1/149 ).
قال الشافعي رحمه الله :
توكلت في رزقي على الله خالقي * * * وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني * * * ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله * * * ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة * * * وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
وقال آخر:
سهرتْ أعينٌ ونامتْ عيونُ * * في شئونٍ تكون أو لا تكونُ
فدعِ الهمَّ ما استطعتَ فحمـ * * ـلانُك الهمومَ جُنونُ
إن ربّاً كفاك ما كان بالأمـ * * ـسِ سيكفيكَ في غدٍ ما يكونُ
4- عدم جرح مشاعر الناس:
حينما طلب عكاشة بن محصن من النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يدعو الله له بأن يجعله من هؤلاء السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بدون حساب فدعا الله له , فقام رجل - ربما لا يستحق تلك المنزلة- وطلب من النبي أن يدعو الله له أن يجعله من هؤلاء , ولم يشأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يجرح مشاعره فقال له : \" سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ\".
َقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قِيلَ إِنَّ الرَّجُل الثَّانِي لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقّ تِلْكَ الْمَنْزِلَة وَلَا كَانَ بِصِفَةِ أَهْلهَا بِخِلَافِ عكاشة ، وَقِيلَ : بَلْ كَانَ مُنَافِقًا فَأَجَابَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ مُحْتَمَل ، وَلَمْ يَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّصْرِيح لَهُ بِأَنَّك لَسْت مِنْهُمْ لِمَا كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة. .الفتح 13/389 . شرح النووي 1/361 .
وأما عكاشة بن محصن فهو من أفاضل الصحابة وخيارهم وشجعانهم ، له ببدر المقام المشهود والعَلَم المنشور ، وذلك أنّه ضرب بسيفه في الكفّار حتّى انقطع ، فأعطاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جِذْل حطب فأخذه فهزّه فعاد في يده سيفًا صارمًا ، فقاتل به حتّى فتح الله على المسلمين . وكان ذلك السيف يسمَّى العون ، ولم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتّى قُتل عُكاشة في الردّة وهو عنده ، قتله طُليحة الأسديّ ، وهو الذي قال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( منّا خيرُ فارسٍ في العرب )) ، قالوا . ومن هو يا رسول الله ، قال : (( عُكاشة بن محصن )).
ولقوّة يقينه وشدّة حرصه على الخير ورغبته فيما عند الله سبق الصحابةَ كلَّهم بقوله : (( ادع الله أن يجعلني منهم )). ولمّا لم يكن عند القائم بعده من تلك الأحوال الشريفة ما كان عند عُكاشة ، قال له : ((سبقك بها عُكاشة )) ، وأيضًا فلئلاّ يطلبَ كلّ من هناك ما طلبه عُكاشة .( راجع : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم : أبو العبَّاس الأنصاريُّ القرطبيُّ ، 3/89 ) .
فالإسلام دين يحث على حسن مراعاة مشاعر وأحاسيس الناس ولقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} سورة آل عمران (159).
وقال صلى الله عليه وسلم : \" ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه \"أخرجه ابن حبان (2/311 ، رقم 551) .
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ:لَمَّا قَدِمْتُ.ى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،.مْتُ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلاَمِ ، فَكَانَ فِيمَا.مْتُ أَنْ قَالَ لِي : إِذَا عَطَسْتَ فَاحْمَدِ اللهَ ، وَإِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَحَمِدَ اللهَ ، فَقُلْ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاَةِ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ ، فَحَمِدَ اللهَ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، رَافِعًا بِهَا صَوْتِي ، فَرَمَانِي النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ ، حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ ؟! قَالَ : فَسَبَّحُوا ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قِيلَ : هَذَا الأَعْرَابِيُّ ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِي : إِنَّمَا الصَّلاَةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَذِكْرِ اللهِ ، جَلَّ وَعَزَّ ، فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكَ ، فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ( أخرجه البُخَارِي في \"خلق أفعال العباد\" 67 ، و)جزء القراءة خلف الإِمام( 68. و\"أبو داود\"931) .
دخل رجل على الأمير المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلمه في حاجة له، ووضع نصل سيفه على الأرض فجاء على أُصبع رجلِ الأمير، وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النصلُ أُصبعه، والرجل لا يشعر، والأمير لا يظهر ما أصابه وجلساء الأمير لا يتكلمون هيبة له، فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه وغسله، فقيل له: ألا نحَّيت رجلك أصلحك الله، أو أمرت الرجل برفع سيفه عنها؟ فقال: خشيت أن أقطع عنه حاجته.
قال الشافعي رحمه الله :
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى ..... ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأة ..... فكلك سوءات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائبا ..... فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ..... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين حربا لأعدائك سلما لأوليائك نحب بحبك الناس ونعادي بعداوتك من خالفك اللهم ذا الأمر الرشيد والحبل الشديد أسألك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود والركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود وأنت تفعل ما تريد.
منقول
3- صفات أهل التميز من المؤمنين :
والفائدة الثالثة المهمة من هذا الحديث صفات أهل التميز من المؤمنون من هذه الأمة يوم القيامة وهم السبعون ألفا الذين يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ , فلقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعض صفاتهم فقال : \" هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ\". فقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( هم الذين لا يرقون ولا يستَرْقَون ولا يكتوون ولا يتطيّرون )) ، اختلف الناس في معنى هذا الحديث وعلى ماذا يُحمل ، فحمله الإمام المازَرِيّ على أنّهم الذين جانبوا اعتقاد الطبائعيّين في أنّ الأدوية تنفع بطباعها واعتقاد الجاهليّة في ذلك ورقاهم . وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه ؛ إذ مقصوده إثبات مزيَّةٍ وخصوصيّةٍ لهؤلاء السبعين ألفًا ، وما ذكره يرفع المزيّة والخصوصيّة ، فإنّ مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافَّةً ، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك ، لم يكن مسلمًا . ثمّ إنّ ظاهر لفظ الحديث إنّما هو : (( لا يرقون ولا يكتوون )) ؛ أي : لا يفعلون هذه الأمور ، وما ذكره خروج عنه من غير دليل . وقال الداوديّ . المراد بذلك الذين يجتنبون فع له في الصحّة ، فإنّه يُكره لمن ليست به علّة أن يتّخذ التمائم ويستعمل الرقى ، فأمّا من يستعمل ذلك من مرضٍ به ، فهو جائز . وهذا إن صحّ أن يقال في التمائم وفي بعض الرقي ، فلا يصحّ أن يقال في التعويذات ، وهي من باب الرقي ؛ إذ قد يجوز أن يتعوّذ من الشرور كلّها قبل وقوعها . ولا يصح ذلك في التطبب ، فإنه يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها.وذهب الخطّابيّ وغيره إلى أنّ وجه ذلك أن يكون تركُها على جهة التوكّل على الله والرضا بما يقضيه من قضاء وينزل من بلاء ، قال . وهذه أرفع درجات المتحقِّقين بالإيمان ، قال . وإلى هذا ذهب جماعة من السلف ، وسمّاهم . قال القاضي أبو الفضل عياض . وهذا هو ظاهر الحديث ؛ ألا ترى قوله : (( وعلى ربّهم يتوكّلون )). ( المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم : أبو العبَّاس الأنصاريُّ القرطبيُّ ، 3/89 ) .
وقال ابن حجر \" لقد رَقَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَى النَّبِيّ أَصْحَابه وَأَذِنَ لَهُمْ فِي الرُّقَى وَقَالَ \" مَنْ اِسْتَطَاعَ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ \" وَالنَّفْعُ مَطْلُوبٌ . قَالَ : وَأَمَّا الْمُسْتَرِقِي فَإِنَّهُ يَسْأَلُ غَيْرَهُ وَيَرْجُو نَفْعَهُ ، وَتَمَامُ التَّوَكُّلِ يُنَافِي ذَلِكَ . قَالَ : وَإِنَّمَا الْمُرَاد وَصْف السَّبْعِينَ بِتَمَامِ التَّوَكُّل فَلَا يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ أَنْ يَرْقِيَهُمْ ، وَلَا يَكْوِيهِمْ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ شَيْءٍ . وَقَدْ رُقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَقَى وَفَعَلَهُ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ ، فَلَوْ كَانَ مَانِعًا مِنْ اللَّحَاقِ بِالسَّبْعِينَ أَوْ قَادِحًا فِي التَّوَكُّل لَمْ يَقَعْ مِنْ هَؤُلَاءِ وَفِيهِمْ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ وَأَفْضَلُ مِمَّنْ عَدَاهُمْ . ( ابن حجر : الفتح 18/389 ) . وقيل : ( لا يسترقون ) لا يفعلون الرقية اعتمادا كليا على الله عز و جل , ولا يطلبون الرقية من أحد توكلاً منهم على الله، أو يتركون الرقى بغير ما ورد عن النبي عليه السلام. ( لا يتطيرون ) لا يتشاءمون بالطيور . التفاؤل والتشاؤم بالطير ، وذلك إذا شرع أحدهم في حاجة وطار الطير عن يمينه يراه مباركا ، وإن طار عن يساره يراه غير مبارك ( لا يكتوون ) أي لا يتداوون بالكي . ( يتوكلون ) يفوضون الأمر إليه تعالى وإن تعاطوا الأسباب. ( راجع : إكمال المعلم شرح صحيح مسلم - للقاضي عياض 1/390 , شرح النووي على مسلم 3/90 , شرح سنن ابن ماجه للسيوطي 1 /249 , وفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 1/490 ).
فالمؤمنون الخالصون المخلصون هم الذين لا يفعلون رقى الشرك التي يقوم بها الدجاجلة والمشعوذون , كما أنهم لا يعرفون التشاؤم والتطير الذي ينافي التوكل فهم يحسنون التوكل على الله تعالى في كل أمورهم . وقد حَضَّ الله عباده المؤمنين على التوكل في مواضع عديدة من الكتاب العزيز، وبيَّن سبحانه ثمراته وفضائله قال تعالى: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 9المائدة:23، وقال : (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )التوبة:51، وقوله تعالى: )وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ )الطلاق:3، وقوله جل وعلا)فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران:159، وقال سبحانه واصفاً عباده المؤمنين في معرض الثناء والمدح )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (الأنفال:2.
وصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه عنه جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه أنه قال: \" إن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا اللّه وأَجْملوا في الطلب، خذوا ما حلَّ ودَعُوا ما حَرُم ) \" رواه ابن ماجة والحاكم وابن حبان) .
وقال عمر رضي اللّه عنه: بين العبد وبين رزقه حجاب، فإن قَنَعَ ورضيت نفسه أتاه رزقُه، وإن اقتحم وهتك الحجاب لم يُزَدْ فوق رزقه.
وقال بعض السلف: توكَّلْ تُسَقْ إليك الأرزاق بلا تعبٍ ولا تكلف.
قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله. وصدق التوكل أن تثق في الله وفيما عند الله فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك.
دخل رجل في غير وقت الصلاة فوجد غلاما يبلغ العاشرة من عمره قائما يصلي بخشوع ، فانتظر حتى انتهى الغلام من صلاته فجاء إليه وسلم عليه وقال : يا بني ابن من أنت ؟ فطأطأ برأسه وانحدرت دمعة عل خده ثم رفع رأسه وقال : يا عم إني يتيم الأب والأم ، فرق له الرجل ، وقال له : أترضى أن تكون ابنا لي ؟ فقال الغلام : هل إذا جعت تطعمني ؟ قال : نعم ، فقال الغلام : هل إذا عريت تكسوني ؟ قال نعم ، قال الغلام : هل إذا مت تحييني ؟ قال الرجل : ليس إلى ذلك سبيل .قال الغلام فدعني يا عم للي خلقني فهو يهدين ، والي يطعمني ويسقين ، وإذا مرضت فهو يشفين ، والذي اطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين.فسكت الرجل ومضى لحاله وهو يقول : آمنت بالله ، من توكل عل الله كفاه .( على نايف الشحود : موسوعة البحوث والمقالات العلمية 18) .
وحكي أن حاتما الأصم كان رجلا كثير العيال وكان له أولاد ذكور وإناث ولم يكن يملك حبة واحدة وكان قدمه التوكل فجلس ذات ليلة مع أصحابه يتحدث معهم فتعرضوا لذكر الحج فداخل الشوق قلبه ثم دخل على أولاده فجلس معهم يحدثهم ثم قال لهم لو أذنتم لأبيكم أن يذهب إلى بيت ربه في هذا العام حاجا ويدعو لكم ماذا عليكم لو فعلتم فقالت زوجته وأولاده أنت على هذه الحالة لا تملك شيئا ونحن على ما ترى من الفاقة فكيف تريد ذلك ونحن بهذه الحالة وكان له ابنة صغيرة فقالت ماذا عليكم لو أذنتم له ولا يهمكم ذلك دعوه يذهب حيث شاء فإنه مناول للرزق وليس برزاق فذكرتهم ذلك فقالوا صدقت والله هذه الصغيرة يا أبانا انطلق حيث أحببت فقام من وقته وساعته وأحرم بالحج وخرج مسافرا وأصبح أهل بيته يدخل عليهم جيرانهم يوبخونهم كيف أذنوا له بالحج وتأسف على فراقه أصحابه وجيرانه فجعل أولاده يلومون تلك الصغيرة ويقولون لو سكت ما تكلمنا فرفعت الصغيرة طرفها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي ومولاي عودت القوم بفضلك وأنك لا تضيعهم فلا تخيبهم ولا تخجلني معهم فبينما هم على هذه الحالة إذ خرج أمير البلدة متصيدا فانقطع عن عسكره وأصحابه فحصل له عطش شديد فاجتاز ببيت الرجل الصالح حاتم الأصم فاستسقى منهم ماء وقرع الباب فقالوا من أنت قال الأمير ببابكم يستسقيكم فرفعت زوجة حاتم رأسها إلى السماء وقالت إلهي وسيدي سبحانك البارحة بتنا جياعا واليوم يقف الأمير على بابنا يستسقينا ثم أنها أخذت كوزا جديدا وملأته ماء وقالت للمتناول منها اعذرونا فأخذ الأمير الكوز وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال هذه الدار لأمير فقالوا لا والله بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم فقال الأمير لقد سمعت به فقال الوزير يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا فقال الأمير ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمى بها في الدار ثم قال لأصحابه من أحبني فليلق منطقته فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا فقال الوزير السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق فلما أنزل الأمير رجع إليهم الوزير ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا واستردها منهم فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا فقالوا لها ما هذا البكاء إ نما يجب أن تفرحي فإن الله قد وسع علينا فقالت يا أم والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين ( الإبشيهي : المستطرف 1/149 ).
قال الشافعي رحمه الله :
توكلت في رزقي على الله خالقي * * * وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني * * * ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله * * * ولو لم يكن مني اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة * * * وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
وقال آخر:
سهرتْ أعينٌ ونامتْ عيونُ * * في شئونٍ تكون أو لا تكونُ
فدعِ الهمَّ ما استطعتَ فحمـ * * ـلانُك الهمومَ جُنونُ
إن ربّاً كفاك ما كان بالأمـ * * ـسِ سيكفيكَ في غدٍ ما يكونُ
4- عدم جرح مشاعر الناس:
حينما طلب عكاشة بن محصن من النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يدعو الله له بأن يجعله من هؤلاء السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بدون حساب فدعا الله له , فقام رجل - ربما لا يستحق تلك المنزلة- وطلب من النبي أن يدعو الله له أن يجعله من هؤلاء , ولم يشأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يجرح مشاعره فقال له : \" سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ\".
َقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : قِيلَ إِنَّ الرَّجُل الثَّانِي لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقّ تِلْكَ الْمَنْزِلَة وَلَا كَانَ بِصِفَةِ أَهْلهَا بِخِلَافِ عكاشة ، وَقِيلَ : بَلْ كَانَ مُنَافِقًا فَأَجَابَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامٍ مُحْتَمَل ، وَلَمْ يَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّصْرِيح لَهُ بِأَنَّك لَسْت مِنْهُمْ لِمَا كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ مِنْ حُسْن الْعِشْرَة. .الفتح 13/389 . شرح النووي 1/361 .
وأما عكاشة بن محصن فهو من أفاضل الصحابة وخيارهم وشجعانهم ، له ببدر المقام المشهود والعَلَم المنشور ، وذلك أنّه ضرب بسيفه في الكفّار حتّى انقطع ، فأعطاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جِذْل حطب فأخذه فهزّه فعاد في يده سيفًا صارمًا ، فقاتل به حتّى فتح الله على المسلمين . وكان ذلك السيف يسمَّى العون ، ولم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتّى قُتل عُكاشة في الردّة وهو عنده ، قتله طُليحة الأسديّ ، وهو الذي قال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( منّا خيرُ فارسٍ في العرب )) ، قالوا . ومن هو يا رسول الله ، قال : (( عُكاشة بن محصن )).
ولقوّة يقينه وشدّة حرصه على الخير ورغبته فيما عند الله سبق الصحابةَ كلَّهم بقوله : (( ادع الله أن يجعلني منهم )). ولمّا لم يكن عند القائم بعده من تلك الأحوال الشريفة ما كان عند عُكاشة ، قال له : ((سبقك بها عُكاشة )) ، وأيضًا فلئلاّ يطلبَ كلّ من هناك ما طلبه عُكاشة .( راجع : المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم : أبو العبَّاس الأنصاريُّ القرطبيُّ ، 3/89 ) .
فالإسلام دين يحث على حسن مراعاة مشاعر وأحاسيس الناس ولقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} سورة آل عمران (159).
وقال صلى الله عليه وسلم : \" ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه \"أخرجه ابن حبان (2/311 ، رقم 551) .
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ:لَمَّا قَدِمْتُ.ى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،.مْتُ أُمُورًا مِنْ أُمُورِ الإِسْلاَمِ ، فَكَانَ فِيمَا.مْتُ أَنْ قَالَ لِي : إِذَا عَطَسْتَ فَاحْمَدِ اللهَ ، وَإِذَا عَطَسَ الْعَاطِسُ فَحَمِدَ اللهَ ، فَقُلْ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلاَةِ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ ، فَحَمِدَ اللهَ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللهُ ، رَافِعًا بِهَا صَوْتِي ، فَرَمَانِي النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ ، حَتَّى احْتَمَلَنِي ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : مَا لَكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ بِأَعْيُنٍ شُزْرٍ ؟! قَالَ : فَسَبَّحُوا ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قِيلَ : هَذَا الأَعْرَابِيُّ ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ لِي : إِنَّمَا الصَّلاَةُ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَذِكْرِ اللهِ ، جَلَّ وَعَزَّ ، فَإِذَا كُنْتَ فِيهَا فَلْيَكُنْ ذَلِكَ شَأْنَكَ ، فَمَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَطُّ أَرْفَقَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. ( أخرجه البُخَارِي في \"خلق أفعال العباد\" 67 ، و)جزء القراءة خلف الإِمام( 68. و\"أبو داود\"931) .
دخل رجل على الأمير المجاهد قتيبة بن مسلم الباهلي، فكلمه في حاجة له، ووضع نصل سيفه على الأرض فجاء على أُصبع رجلِ الأمير، وجعل يكلمه في حاجته وقد أدمى النصلُ أُصبعه، والرجل لا يشعر، والأمير لا يظهر ما أصابه وجلساء الأمير لا يتكلمون هيبة له، فلما فرغ الرجل من حاجته وانصرف دعا قتيبة بن مسلم بمنديل فمسح الدم من أُصبعه وغسله، فقيل له: ألا نحَّيت رجلك أصلحك الله، أو أمرت الرجل برفع سيفه عنها؟ فقال: خشيت أن أقطع عنه حاجته.
قال الشافعي رحمه الله :
إذا رمت أن تحيا سليما من الردى ..... ودينك موفور وعرضك صين
فلا ينطقن منك اللسان بسوأة ..... فكلك سوءات وللناس ألسن
وعيناك إن أبدت إليك معائبا ..... فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ..... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين حربا لأعدائك سلما لأوليائك نحب بحبك الناس ونعادي بعداوتك من خالفك اللهم ذا الأمر الرشيد والحبل الشديد أسألك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود والركع السجود الموفين بالعهود إنك رحيم ودود وأنت تفعل ما تريد.
منقول
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى