حركة 6 اكتوبر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
الناطق الرسمى
الناطق الرسمى

مدير عام مدير عام
ذكر
عدد الرسائل : 1350
العمر : 44
نقاط : 2203
تاريخ التسجيل : 25/05/2008
https://ram-cccis.mam9.com

غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7 هـ (اشرف الميرى ) Empty غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7 هـ (اشرف الميرى )

الأحد أكتوبر 26, 2008 8:16 am
غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7 هـ
سبب الغزوة
كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ثمانين ميلا من المدينة في جهة الشمال ، وهي الآن قرية في مناخها بعض الوخامة ‏.‏
سبب الغزو
ولما اطمأن رسول الله(صلى الله عليه وسلم) من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة ، وهو قريش ، وأمن منه تماماً بعد صلح الحديبية أراد أن يحاسب الجناحين الباقيين ـ اليهود وقبائل نجد ـ حتى يتم الأمن والسلام ، ويسود الهدوء في المنطقة ، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه‏ .‏
ولما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر ومركز الاستفزازات العسكرية ، ومعدن التحرشات وإثارة الحروب ، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا‏ً .‏
أما كون خيبر بهذه الصفة ، فلا ننسى أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين ، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين ـ الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي ـ وبغطفان وأعراب البادية ـ الجناح الثالث من الأحزاب ـ وكانوا هم أنفسهم يتهيأون للقتال ، فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متوصلة ، حتى وضعوا خطة لاغتيال النبي(صلى الله عليه وسلم) ، وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متواصلة ، وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين ، مثل سلام بن أبي الحُقَيْق ، وأسِير بن زارم ، ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء اليهود كان أكبر من ذلك ، وإنما أبطأوا في القيام بهذا الواجب ، لأن قوة أكبر وأقوى وألد وأعند منهم ـ وهي قريش ـ كانت مجابهة للمسلمين ، فلما انتهت هذه المجابهة صفا الجو لمحاسبة هؤلاء المجرمين ، واقترب لهم يوم الحساب‏ .‏
الخروج إلى خيبر
قال ابن إسحاق‏:‏ أقام رسول الله(صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم ، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر ‏.‏
قال المفسرون ‏:‏ إن خيبر كانت وعدا وعدها الله تعالى بقوله‏ :‏ "‏وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ‏ "‏ ‏[ ‏الفتح‏ :‏ 20 ‏]‏ يعني صلح الحديبية ، وبالمغانم الكثيرة خيبر‏ .‏
عدد الجيش الإسلامي
ولما كان المنافقون وضعفاء الإيمان تخلفوا عن رسول الله(صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية أمر الله تعالى نبيه(صلى الله عليه وسلم فيهم قائلاً‏ :‏ ‏" سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً‏ "‏ ‏[ ‏الفتح‏ :‏ 15‏] ‏‏.‏
فلما أراد رسول الله(صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد ، فلم يخرج إلا أصحاب الشجرة وهم ألف وأربعمائة ‏.‏
واستعمل على المدينة سِبَاع بن عُرْفُطَةَ الغفاري ، وقال ابن إسحاق‏:‏ نُمَيْلَة بن عبد الله الليثي ، والأول أصح عند المحققين ‏.‏
وبعد خروجه(صلى الله عليه وسلم قدم أبو هريرة المدينة مسلماً ، فوافي سباع بن عرفطة في صلاة الصبح ، فلما فرغ من صلاته أتى سباعاً فزوده ، حتى قدم على رسول الله(صلى الله عليه وسلم ، وكلم المسلمين فأشركوه وأصحابه في سهمانهم ‏.‏
اتصال المنافقين باليهود
وقد قام المنافقون يعملون لليهود ، فقد أرسل رأس المنافقين عبد الله بن أبي إلى يهود خيبر ‏:‏ إن محمداً قصد قصدكم ، وتوجه إليكم ، فخذوا حذركم ، ولا تخافوا منه فإن عددكم وعدتكم كثيرة ، وقوم محمد شرذمة قليلون ، عزّل ، لا سلاح معهم إلا قليل ، فلما علم ذلك أهل خيبر ، أرسلوا كنانة بن أبي الحقيق وهَوْذَة بن قيس إلى غطفان يستمدونهم ، لأنهم كانوا حلفاء يهود خيبر ، ومظاهرين لهم على المسلمين ، وشرطوا لهم نصف ثمار خيبر إن هم غلبوا المسلمين‏ .‏
الطريق إلى خيبر
وسلك رسول الله(صلى الله عليه وسلم في اتجاهه نحو خيبر جـبل عــصر ـ بالكسر ، وقيل ‏:‏ بالتحريك ـ ثم على الصهباء ، ثم نزل على واد يقال له ‏:‏ الرجيع ، وكان بينه وبين غطفان مسيرة يوم وليلة ، فتهيأت غطفان وتوجهوا إلى خيبر ، لإمداد اليهود ، فلما كانوا ببعض الطريق سمعوا من خلفهم حساً ولغطاً ، فظنوا أن المسلمين أغاروا على أهاليهم وأموالهم فرجعوا ، وخلوا بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم وبين خيبر ‏.‏
ثم دعا رسول الله(صلى الله عليه وسلم الدليلين اللذين كانا يسلكان بالجيش ـ وكان اسم أحدهما‏ :‏ حُسَيْل ـ ليدلاه على الطريق الأحسن ، حتى يدخل خيبر من جهة الشمال ـ أي جهة الشام ـ فيحول بين اليهود وبين طريق فرارهم إلى الشام ، كما يحول بينهم وبين غطفان‏ .‏
قال أحدهما‏ :‏ أنا أدلك يا رسول الله(صلى الله عليه وسلم ، فأقبل حتى انتهى إلى مفرق الطرق المتعددة وقال ‏:‏ يا رسول الله ، هذه طرق يمكن الوصول من كل منها إلى المقصد ، فأمر أن يسمها له واحداً واحداً‏ .‏ قال‏ :‏ اسم واحد منها حزن ، فأبى النبي(صلى الله عليه وسلم من سلوكه ، قال‏ :‏ اسم الآخر شاش ، فامتنع منه أيضاً ، وقال ‏:‏ اسم الآخر حاطب ، فامتنع منه أيضاً ، قال حسيل ‏:‏ فما بقي إلا واحد ‏.‏ قال عمر ‏:‏ ما اسمه ‏؟‏ قال ‏:‏ مَرْحَب ، فاختار النبي(صلى الله عليه وسلم سلوكه ‏.‏
بعض ما وقع في الطريق
1ـ عن سلمة بن الأكوع قال ‏:‏ خرجنا مع النبي(صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلاً ، فقال رجل من القوم لعامر ‏:‏ يا عامر ، ألا تسمعنا من هنيهاتك‏ ؟‏ ـ وكان عامر رجلاً شاعراً ـ فنزل يحدو بالقوم ، يقول ‏:
اللهم لولا أنت ما اهتديـنا ولا تَصدَّقْنا ولا صَلَّينـا
فاغـفر فِدَاءً لك ما اقْتَفَيْنا وَثبِّت الأقدام إن لاقينـا
وألْـقِيــنْ سكـيـنة عــلينا إنا إذا صِـيحَ بنا أبينـا
وبالصياح عَوَّلُوا عــلينا
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏( ‏من هذا السائق‏ )‏ قالوا ‏:‏ عامر بن الأكوع ، قال ‏:‏ ‏( ‏يرحمه الله ‏) ‏‏:‏ قال رجل من القوم ‏:‏ وجبت يا نبي الله ، لولا أمتعتنا به ‏.‏ متفق عليه
وكانوا يعرفون أن رسول الله(صلى الله عليه وسلم لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد ، وقد وقع ذلك في حرب خيبر‏ .‏ \
2- وفي الطريق أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ) فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم : "أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائباً إنكم تدعون سميعاً قريباً ". أخرجه البخاري (3883)

3 ـ وبالصهباء من أدنى خيبر صلى النبي(صلى الله عليه وسلم العصر ، ثم دعا بالأزواد ، فلم يؤت إلا بالسَّوِيق ، فأمر به فثري ، فأكل وأكل الناس ، ثم قام إلى المغرب ، فمضمض ، ومضمض الناس ، ثم صلى ولم يتوضأ ، ثم صلى العشاء‏ .‏

الجيش الإسلامي إلى أسوار خيبر

وبات المسلمون الليلة الأخيرة التي بدأ في صباحها القتال قريبًا من خيبر ، ولا تشعر بهم اليهود ، وكان النبي(صلى الله عليه وسلم إذا أتى قومًا بليل لم يقربهم حتى يصبح ، فلما أصبح صلى الفجر بغَلَس ، وركب المسلمون ، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم ، ولا يشعرون ، بل خرجوا لأرضهم ، فلما رأوا الجيش قالوا ‏:‏ محمد، والله محمد والخَمِيس ، ثم رجعوا هاربين إلى مدينتهم ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏الله أكبر، خربت خيبر ، الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين‏ "‏ ‏.‏ البخاري (3876)

وكان النبي(صلى الله عليه وسلم اختار لمعسكره منزلاً ، فأتاه حباب بن المنذر فقال : يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أنزلكه الله ، أم هو الرأي في الحرب ؟ قال : " بل هو الرأي " فقال : يا رسول الله إن هذا المنزل قريب جداً من حسن نطاة ، جميع مقاتلي خيبر فيها ، وهم يدرون أحوالنا ، ونحن لا ندري أحوالهم ، وسهامهم تصل إلينا .

وسهامنا لا تصل إليهم ، ولا نأمن من بياتهم ، وأيضاً هذا بين النخلات ، ومكان غائر ، وأرض وخيمة ، لو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه معسكراً . قال(صلى الله عليه وسلم : " الرأي ما أشرت ، ثم تحول إلى مكان آخر " .

ولما دنا من خيبر وأشرف عليها قال ‏:‏ ‏( ‏قفوا‏ )‏ ، فوقف الجيش ، فقال ‏:‏ ‏" ‏اللهم رب السماوات السبع وما أظللن ، ورب الأرضين السبع وما أقللن ، ورب الشياطين وما أضللن ، ورب الرياح وما أذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية ، وخير أهلها ، وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر هذه القرية ، وشرّ أهلها ، وشر ما فيها أقدموا بسم الله ‏"سيرة ابن هشام (2/،329) التهيؤ للقتال وحصون خيب
للقتال وحصون خيبر
ولما كانت ليلة الدخول ـ وقيل ‏:‏ بل بعد عدة محاولات ومحاربات ـ قال النبي(صلى الله عليه وسلم :‏ ‏(‏ لأعطين الراية غدًا رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ‏‏)‏ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله(صلى الله عليه وسلم ، كلهم يرجو أن يعطاها ، فقال ‏:‏ ‏( ‏أين علي بن أبي طالب‏ ؟ ‏‏)‏ فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ، هو يشتكي عينيه ، قال‏ :‏ ‏( ‏فأرسلوا إليه ‏)‏ ، فأتى به فبصق رسول الله(صلى الله عليه وسلم في عينيه ، ودعا له، فبرئ ، كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ، قال ‏:‏ ‏" ‏انفذ على رسلك ، حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم‏ "‏‏.‏ البخاري (3888)
وكانت خيبر منقسمة إلى شطرين ، شطر فيها خمسة حصون‏ :‏
وفي خيبر حصون وقلاع غير هذه الثمانية ، إلا أنها كانت صغيرة ، لا تبلغ إلى درجة هذه القلاع في مناعتها وقوتها ‏.‏
والقتال المرير إنما دار في الشطر الأول منها ، أما الشطر الثاني فحصونها الثلاثة مع كثرة المحاربين فيها سلمت دونما قتال ‏.‏

بدء المعركة وفتح حصن ناعم

وأول حصن هاجمه المسلمون من حصونهم الثمانية هو حصن ناعم‏ .‏
وكان خط الدفاع الأول لليهود لمكانه الاستراتيجي ، وكان هذا الحصن هو حصن مرحب البطل اليهودي الذي كان يعد بالألف‏ .‏
خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالمسلمين إلى هذا الحصن ، ودعا اليهود إلى الإسلام ، فرفضوا هذه الدعوة ، وبرزوا إلى المسلمين ومعهم ملكهم مرحب ، فلما خرج إلى ميدان القتال دعا إلى المبارزة ، قال سلمة بن الأكوع‏ :‏ فلما أتينا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول‏ :‏

قد عَلِمتْ خيبر أني مَرْحَب شَاكِي السلاح بطل مُجَرَّب
إذا الحروب أقبلتْ تَلَهَّب
فبرز له عمي عامر فقال ‏:‏

قد علمت خيبر أني عامر شاكي السلاح بطل مُغَامِر
فاختلفا ضربتين ، فوقع سيف مرحب في ترس عمي عامر ، وذهب عامر يسفل له ، وكان سيفه قصيرًا ، فتناول به ساق اليهودي ليضربه ، فيرجع ذُبَاب سيفه فأصاب عين ركبته فمات منه ، وقال فيه النبي(صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏إن له لأجرين ـ وجمع بين إصبعيه ـ إنه لجَاهِدٌ مُجَاهِد ، قَلَّ عربي مَشَى بها مِثْلَه ‏" .‏متفق عليه

ويبدو أن مرحبًا دعا بعد ذلك إلى البراز مرة أخرى وجعل يرتجز بقوله ‏:‏
قد علمت خيبر أني مرحب‏ .‏‏.‏‏.‏ إلخ ، فبرز له على بن أبي طالب ‏.‏ قال سلمة ابن الأكوع‏ :‏ فقال علي ‏:‏

أنا الذي سمتني أمي حَيْدَرَهْ كلَيْثِ غابات كَرِيه المَنْظَرَهْ
أُوفِيهم بالصَّاع كَيْل السَّنْدَرَهْ

فضرب رأس مرحب فقتله ، ثم كان الفتح على يديه ‏.‏
ولما دنا علي رضي الله عنه من حصونهم اطلع يهودي من رأس الحصن ، وقال ‏:‏ من أنت‏ ؟‏ فقال ‏:‏ أنا علي بن أبي طالب ، فقال اليهودي ‏:‏ علوتم وما أنزل على موسى ‏.‏
ثم خرج ياسر أخو مرحب ، وهو يقول ‏:‏ من يبارز‏ ؟‏ فبرز إليه الزبير ، فقالت صفية أمه ‏:‏ يا رسول الله ، يقتل ابني ، قال ‏:‏ ‏( ‏بل ابنك يقتله ‏) ‏، فقتله الزبير ‏.‏
ودار القتال المرير حول حصن ناعم ، قتل فيه عدة سراة من اليهود ، انهارت لأجله مقاومة اليهود ، وعجزوا عن صد هجوم المسلمين ، ويؤخذ من المصادر أن هذا القتال دام أيامًا لاقي المسلمون فيها مقاومة شديدة ، إلا أن اليهود يئسوا من مقاومة المسلمين ، فتسللوا من هذا الحصن إلى حصن الصَّعْب ، واقتحم المسلمون حصن ناعم ‏.‏

فتح حصن الصعب بن معاذ

وكان حصن الصعب الحصن الثاني من حيث القوة والمناعة بعد حصن ناعم ، قام المسلمون بالهجوم عليه تحت قيادة الحباب بن المنذر الأنصاري ، ففرضوا عليه الحصار ثلاثة أيام ، وفي اليوم الثالث ، دعا رسول الله(صلى الله عليه وسلم لفتح هذا الحصن دعوة خاصة‏ .‏

روى ابن إسحاق أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله(صلى الله عليه وسلم ، فقالوا‏ :‏ لقد جهدنا ، وما بأيدينا من شيء ، فقال ‏:‏ ‏" ‏اللهم إنك قد عرفت حالهم ، وأن ليست بهم قوة ، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه ، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غَنَاء ، وأكثرها طعامًا ووَدَكًا‏ "‏‏.‏ فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعامًا وودكًا منه‏ .‏ ابن هشام (2/332)

ولما ندب النبي(صلى الله عليه وسلم المسلمين بعد دعائه لمهاجمة هذا الحصن كان بنو أسلم هم المقاديم في المهاجمة ، ودار البراز والقتال أمام الحصن ، ثم فتح الحصن في ذلك اليوم قبل أن تغرب الشمس ، ووجد فيه المسلمون بعض المنجنيقات والدبابات ‏.‏

ولأجل هذه المجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية ابن إسحاق ، كان رجال من الجيش قد ذبحوا الحمير ، ونصبوا القدور على النيران ، فلما علم رسول الله(صلى الله عليه وسلم بذلك نهى عن لحوم الحمر الإنسية ‏
فتح قلعة الزبير

وبعد فتح حصن ناعم والصعب تحول اليهود من كل حصون النَّطَاة إلى قلعة الزبير ، وهو حصن منيع في رأس قُلَّةٍ ، لا تقدر عليه الخيل والرجال لصعوبته وامتناعه ، ففرض عليه رسول الله(صلى الله عليه وسلم الحصار ، وأقام محاصرًا ثلاثة أيام ، فجاء رجل من اليهود ، وقال ‏:‏ يا أبا القاسم ، إنك لو أقمت شهرًا ما بالوا ، إن لهم شرابًا وعيونًا تحت الأرض ، يخرجون بالليل ويشربون منها ، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك ، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك‏.‏
فقطع ماءهم عليهم ، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال ، قتل فيه نفر من المسلمين ، وأصيب نحو العشرة من اليهود ، وافتتحه رسول الله(صلى الله عليه وسلم .‏
فتح قلعة أبي
وبعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى قلعة أبي وتحصنوا فيه ، وفرض المسلمون عليهم الحصار ، وقام بطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة ، وقد قتلهما أبطال المسلمين ، وكان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دُجَانة سِمَاك بن خَرَشَة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء‏ .‏
وقد أسرع أبو دجانة بعد قتله إلى اقتحام القلعة ، واقتحم معه الجيش الإسلامي ، وجرى قتال مرير ساعة داخل الحصن ، ثم تسلل اليهود من القلعة ، وتحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر الأول ‏.‏
فتح حصن النزار

كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر ، وكان اليهود على شبه اليقين بأن المسلمين لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة ، وإن بذلوا قصارى جهدهم في هذا السبيل ، ولذلك أقاموا في هذه القلعة مع الذراري والنساء ، بينما كانوا قد أخلوا منها القلاع الأربعة السابقة ‏.‏

وفرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار ، وصاروا يضغطون عليهم بعنف ، ولكون الحصن يقع على جبل مرتفع منيع لم يكونوا يجدون سبيلاً للاقتحام فيه‏ ،‏ أما اليهود فلم يجترئوا للخروج من الحصن ، وللاشتباك مع قوات المسلمين ، ولكنهم قاوموا المسلمين مقاومة عنيدة برشق النبال ، وبإلقاء الحجارة ‏.‏
وعندما استعصى حصن النزار على قوات المسلمين ، أمر النبي(صلى الله عليه وسلم بنصب آلات المنجنيق ، ويبدو أن المسلمين قذفوا به القذائف ، فأوقعوا الخلل في جدران الحصن ، واقتحموه ، ودار قتال مرير في داخل الحصن انهزم أمامه اليهود هزيمة منكرة ، وذلك لأنهم لم يتمكنوا من التسلل من هذا الحصن كما تسللوا من الحصون الأخرى ، بل فروا من هذا الحصن تاركين للمسلمين نساءهم وذراريهم‏ .‏
وبعد فتح هذا الحصن المنيع تم فتح الشطر الأول من خيبر ، وهي ناحية النَّطَاة والشَّقِّ ، وكانت في هذه الناحية حصون صغيرة أخرى إلا أن اليهود بمجرد فتح هذا الحصن المنيع أخلوا هذه الحصون ، وهربوا إلى الشطر الثاني من بلدة خيبر‏ .‏
فتح الشطر الثاني من خيبر

ولما أتم رسول الله(صلى الله عليه وسلم فتح ناحية النطاة والشق ، تحول إلى أهل الكتيبة التي بها حصن القَمُوص ‏:‏ حصن بني أبي الحُقَيْق من بني النضير ، وحصن الوَطِيح والسُّلالم ، وجاءهم كل فَلِّ كان انهزم من النطاة والشق ، وتحصن هؤلاء أشد التحصن ‏.‏

واختلف أهل المغازي هل جرى هناك قتال في أي حصن من حصونها الثلاثة أم لا‏ ؟‏ فسياق ابن إسحاق صريح في جريان القتال لفتح حصن القموص ، بل يؤخذ من سياقه أن هذا الحصن تم فتحه بالقتال فقط من غير أن يجري هناك مفاوضة للاستسلام ‏.‏
أما الواقدي ، فيصرح تمام التصريح أن قلاع هذا الشطر الثلاث إنما أخذت بعد المفاوضة ، ويمكن أن تكون المفاوضة قد جرت لاستلام حصن القموص بعد إدارة القتال ، وأما الحصنان الآخران فقد سلما إلى المسلمين دونما قتال ‏.‏
ومهما كان ، فلما أتى رسول الله(صلى الله عليه وسلم إلى هذه الناحية ـ الكتيبة ـ فرض على أهلها أشد الحصار ، ودام الحصار أربعة عشر يومًا ، واليهود لا يخرجون من حصونهم ، حتى همّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم أن ينصب عليهم المنجنيق ، فلما أيقنوا بالهلكة سألوا رسول الله(صلى الله عليه وسلم الصلح ‏.

المفاوضة

وأرسل ابن أبي الحُقَيْق إلى رسول الله(صلى الله عليه وسلم ‏ :‏ أنزل فأكلمك ‏؟‏ قال ‏:‏ ‏( ‏نعم ‏)‏ ، فنزل ، وصالح على حقن دماء مَنْ في حصونهم من المقاتلة ، وترك الذرية لهم ، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ، ويخلون بين رسول الله(صلى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض ، وعلى الصفراء والبيضاء ـ أي الذهب والفضة ـ والكُرَاع والْحَلْقَة إلا ثوبًا على ظهر إنسان ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏" ‏وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا‏ً "‏، زاد المعاد (3/289) فصالحوه على ذلك ، وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين ، وبذلك تم فتح خيبر‏ .‏
قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد

على رغم هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالاً كثيراً ، غيبا مَسْكًا فيه مال وحُلُي لحيي بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير ‏.‏

قال ابن إسحاق ‏:‏ وأتي رسول الله(صلى الله عليه وسلم بكِنَانة الربيع ، وكان عنده كنز بني النضير ، فسأله عنه ، فجحد أن يكون يعرف مكانه ، فأتى رجل من اليهود فقال ‏:‏ إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم لكنانة ‏:‏ ‏"
قطرة ندي
قطرة ندي

مدير عام مدير عام
انثى
عدد الرسائل : 680
العمر : 44
الموقع : http://shamslave.hi5.com
العمل/الترفيه : كتابة الشعر
المزاج : عاشقة للحياة
نقاط : 183
تاريخ التسجيل : 13/02/2009
http://shamslave.hi5.com

غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7 هـ (اشرف الميرى ) Empty رد: غزوة خيبر ووادي القرى في المحرم سنة 7 هـ (اشرف الميرى )

الأحد مارس 01, 2009 5:45 am
سلمت يداك علي الموضوع الجيد
الرجوع الى أعلى الصفحة
مواضيع مماثلة
    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى