حركة 6 اكتوبر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
السندباد
السندباد
مشرف القسم الرياضى
مشرف القسم الرياضى
ذكر
عدد الرسائل : 221
العمر : 37
الموقع : الصعيد
العمل/الترفيه : لا اعمل
المزاج : تمام
نقاط : 328
تاريخ التسجيل : 29/05/2008

ديكارت ووجوده : وداروين وقروده .. Empty ديكارت ووجوده : وداروين وقروده ..

الإثنين مايو 18, 2009 7:36 am
الرابط : مقالات ساخرة
وليد ابو حوسه - فلسطين
عندما فكرت في كتابة هذا المقال عن كل من الفيلسوف وعالم الرياضيات الفرنسي ديكارت ، صاحب المقولة الشهيرة : "أنا أفكر إذا أنا موجود" وداروين عالم الحيوان الإنجليزي صاحب نظرية "النشوء والارتقاء ، قلت لنفسي : لماذا لا آقوم بعملية استطلاع رأي ولو محدودة لعينة "عشوائية" ممن يحيطون بي "جغرافيا" على الأقل ، لمعرفة ما يعرفونه عن "ديكارت" ومقولته و"داروين" ونظريته ؟
بالفعل قررت ونزلت إلى الشارع . وكانت أول محطة لي عند محل "الفول والفلافل" القريب من بيتي ، والذي نفى المشرف عليه نفيا قاطعا معرفته بأي من المذكورين ( ربما اعتقادا منه بأن هناك شئ خطير يتعلق بهما ويجري البحث عنهما ) !! وعند مخبز "التميس" المجاور أجاب البائع قائلا : فيه "عادي" و"بسكوت" و"أبو سمن" و"أبو حبن" . إنت إيش يبغى "بابا" ؟ فقلت له : لا .. ولا حاجة . بس ما ألاقي عندك "ديكارت" بالأناناس أو داروين بالموز ؟ فقال المسكين : يمكن "تلاقي" عند محل "الشاورما" والعصير "اللي جنبنا" !!
في المطعم "الموصى به" وجدت زبائن من كل الأجناس والأعمار والثقافات . أول الأمر لفت انتباهي مناديل ورقية مطبوع عليها اسم المحل بالبنط العريض وتحته عبارة : "رؤية عصرية في عالم الشاورما ومفهوم جديد في دنيا العصيرات . استبشرت خيرا وقلت في نفسي: يبدو أننا ارتقينا برؤانا ومفاهيمنا لنستطيع مجاراة الآخرين في منظومة عصر العولمة والانفتاح من خلال دنيا المانجو وعالم الفراولة والتفاح .
بعد أن قمت بسؤال عدد من الزبائن بطريقة مهذبة لا تدعو للريبة أو "الشك،" أجاب معظمهم بعدم معرفتهم بالمذكورين . فسألت أحد المشرفين بالمحل : ألا أجد عندكم عصير "ديكارت" بالجوافة أو شاورما "داروين" باللحم ؟ فأجاب : عندنا كل أنواع الشاورما والعصائر الطازجة من عصير الأناناس حتى عصير "القلقاس". ولكني لم أسمع من قبل بشاورما "داروين" أو حتى عصير "ديكارت" !! فقلت له ضاحكا : "خلينا" في "القلقاس" .. أحسن .
وحينما دخلت محل "البقالة" المجاور للمطعم وجدت عنده موظف أستوديو التصوير الملاصق. سألتهما عن "داروين"" و "ديكارت" . فقال صاحب "البقالة" : الآن يوجد "كارت سوا" و"كارت زين" .. وبعد "نص" ساعة يمكن "يجينا" كارت "موبايلي". أما المصوّر فأجاب : عندنا "كارت" عادي "مطفي" وكارت "بوستال" لمّاع .. إنت إيش يبغى "ماي فريند" ؟!
ويبدو أن أحد شباب ما دون العشرين كان يتابع الحديث فأبى إلا أن يدلو بدلاه في بئر السؤال "الديكارتي" العميق ، حيث قال : لم أسمع بداروين ، ولكني سمعت أن "ديكارت" انتقل مؤخرا من نادي "تشيلسي" الإنجليزي لنادي "برشلونة" الأسباني مقابل ثلاثين مليون دولار !! فقلت له ولكني سمعت مؤخرا آراء متضاربة بخصوص هذا الموضوع "الذي يهمنا جميعا" آخرها كان تصريح له في وسائل الإعلام ينفي فيه هذا الخبر نفيا قاطعا و"يشكك" في "وجوده" هذا الموسم في ملاعب إخواننا الأسبان . وقال أنه يفضّل خلال الموسم القادم اللعب لنادي "باريس سان جيرمان" الفرنسي . رغم أنه يدرس حاليا مع وكيل أعماله بشكل جدّي عرضان للعب بنادي "جوفنتوس" الإيطالي ، ونادي "جالاطا سراي" التركي . فأجاب الشاب وهو "يمط شفتيه" باستغراب : ممكن .. فكل شئ جائز هذه الأيام !! (ربما لم يرغب "الشاب" في مجادلة "كهل" ذو شعر أصيب بالمشيب قبل الأوان .. ربما .. الله أعلم) !!
ورغم حزني لنتيجة الاستطلاع "المحدود" ، إلا أنني سررت بأننا ما زلنا أناس طيبين ولا نفكر إلا في "لقمة العيش" بالحلال وبدون جدل وفلسفة . وبالنسبة لأخونا الشاب فسوف يأتي اليوم الذي يعرف فيه أن الدنيا ليست كلها "كرة قدم" ، بل إنها تحفل بالكثير من الأمور الأكثر جدية وأهمية وخصوصا في مجتمعاتنا العربية .
"أنا أفكر .. إذا أنا موجود " : مقولة شهيرة أطلقها "ديكارت" في القرن السابع عشر الميلادي وما زالت تدرّس في معاهد العلم حتى يومنا هذا . استطاع "ديكارت" إثبات "وجوده"من خلال "الشك" في هذا الوجود .. فطالما أنه "يشك" في وجوده فهو "موجود" !! ما علينا . ومع تفهمي لتظريات بعض الفلاسفة ، إلا إنني أعتقد أن "ديكارت" كان يتحدث بلغة الزمان الذي عاشه . ولم يسمع وقتها "طبعا" لا هو ولا غيره من مفكري عصره ، بما يحدث في "عالم اليوم" الذي نعيش أيامه الجميلة . وخاصة في شرقنا المثخن بجراح .. لا يعلم إلا الله متى ستندمل وتزول آثارها .
فلو كان موجودا بيننا الآن لعلم بدون "شك" أن مقولته الشهيرة قد أكل عليها الدهر وشرب وأنه يجب تحديثها "عربيا" لتصبح : أنا أفكر .. إذا أنا موجود . ولكن إما في أحد القبور المنسية أو إحدى الزنازين المظلمة في هذا السجن أو ذاك . أو أحد عنابر مستشفى الأمراض العقلية (هذا إن استطاع أن يجد له مكانا فيه هذه الأيام) . أو ربما جالس في بيته "عاطل" عن العمل . أو كان يمكنه القول : أنا أفكر .. إذا فأنا "مفقود" أو "مطرود" أو ... أو ... أو .. إلى آخر القائمة إياها !!
ولماذا لا يأخذ بنصيحتي المتواضعة ويقول : أنا أشك .. إذا فأنا "دبوس" ؟! أليست تلك المقولة أكثر أمانا واستقرارا في أيامنا "النحاسية" هذه ؟ خاصة وأن "الدبوس" لن يلتفت إليه أحد في "كومة قش" أحداث تغطي العالم بأكمله . فيحجب عن الأنظار حتى حين . وربما يكبر بمرور الأيام وتغيّر الظروف فيصبح "مسمارا" كبير الحجم .. ثقيل الوزن ذو هيبة وشأن .. أو على الأقل "ريشة" رئيسية مهمة في "مثقاب" كهربائي ضخم يستطيع ثقب أعتى الجدران وأصلبها ؟
فلتنم "مسيو" ديكارت قرير العين داخل "تابوتك العاجي" في جوف قبرك الباريسي ، الذي لا "يشك" أحد أنه "موجود" في مكان ما تحت الأرض . الزمان غير الزمان والمكان غير المكان والظروف تغيرت . والعالم أصبح على حافة الهاوية يا عزيزي !! ولتتركنا في حالنا "الله لا يسيئك" .. "مش" ناقصين فلسفة ووجع راس .
أما بالنسب لمستر "داروين" عالم "الحيوان" الإنجليزي المشهور بنظرية "النشوء والارتقاء" .. فأقول له : لن تنفعك نظريتك ولن يشفع لك تاريخك الحافل بالمنجزات ، التي لا يعلم سرها إلا المولى عز وجل . ولن تنفعك "قرودك" لإثبات ما كنت تريد إثباته . فالإنسان هو الإنسان .. خلقه الله في أحسن تقويم .. خلق أبانا آدم عليه السلام على هيئته الآدمية التي نحن عليها الآن قد يكون هناك تغيّر في حجم الجسم نتيجة عوامل الزمن على مر العصور . ولكن الإنسان هو نفسه بكامل هيئته وبكل تفاصيله .. منذ بدء الخلق وحتى آخر مولود نزل هذه اللحظة .
فلا تحاول اللعب على أوتار منحنية "موزية" الشكل .. لا يرقص على أنغامها سوى أصحاب الشطحات الفلسفية إياها الذين يقبعون داخل "زنازين" أبراجهم العاجية فوق الجبال الجليدية .. التي ستنهار بإذن الله مع فجر أول يوم في زمن "الحقيقة" .. التي نسعى جميعا للوصل إليها .. بعيدا عن "قرودك" .
ولكن مهلا .. وإنصافا للحق أعترف بأن بعض قرودك موجودون الآن بالفعل على الخارطة العالمية ويمارسون هوايتهم المعهودة لتغيير المفاهيم وقلب الموازين التي وضعها الله لتصبح ناموسه في الكون . ليس المهم من هم "أولئك القرود" ، أو أين يوجدون على خارطة الغابة "العولمية" ، ولكن المهم في من يصدّقهم ويعجب باستعراضاتهم "البهلوانية" ويصفق لها وهي تأكل الفول السوداني والموز "بعد تقشيرهما" !! ولا يحلو لها ممارسة هوايتها في التنقل بهمة ونشاط إلا بين أشجار أدغال "عالم ثالث" مليئة بثمار "جوز الهند" و"الأناناس" والموز بالطبع .. لأهداف لا يعلمها (بعد الله جل وعلا) إلا العقلاء .. العالمون ببواطن الأمور .
وليد أبو حوسة / كاتب فلسطيني
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى