حركة 6 اكتوبر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
معتز الشريف
معتز الشريف
مشرف على اقسام الكمبيوتر والانترنت
مشرف  على اقسام الكمبيوتر والانترنت
ذكر
عدد الرسائل : 764
العمر : 46
نقاط : 1207
تاريخ التسجيل : 10/02/2009

شاعر أهل السنة و الجماعة Empty شاعر أهل السنة و الجماعة

السبت أبريل 11, 2009 4:03 pm
أولاُ.نسبه و أسرته :


هو علي بن الجهم بن بدر بن الجهم بن مسعود بن أسيد بن أُذينة بن كراز بن كعب بن مالك بن عيينة بن جابر بن عبد البيت بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب القرشي الخراساني البغدادي .
_ و قد كان أجداد الشاعر في الجاهلية يسكنون مكة موطن قريش , ثم قُدر لهم أن يعزبوا عن قومهم و يتوجهوا إلي البحرين و يستوطنوها حيناً من الدهر فسموا لذلك( بقريش العازبة) .
_ ثم انتقلت أُسرة علي بن الجهم إبان فتنة الحروب بين الإمام علي بن أبي طالب و الإمام معاوية بن أبي سفيان عليهم رضوان الله , إلي بلاد فارس و كان إنتقالهم عقب موقعة الرميلة سنة 38 للهجرة.
_ انتقل والد الشاعر من مرو إلي العراق بعد سقوط دولة بني أُمية و قيام دولة بني العباس و كانت أسرته موالية للعباسيين بحكم النسب القرشي .




ثانياً. نشأته و ثقافته :


أ. النشأة و الطفولة:وُلِد شاعرنا في بغداد و تفتحت عيناه علي الحياة بدارهم في شارع الدجيل , نشأ في جوٍ عبقت فيه طيوب المعرفة و تفتحت في رحابه كنوز الثقافة فأبوه من أهل الحل و العقد و من ندماء الملوك و السلاطين .
و بغداد كانت قبلة العالم و مسرح الدنيا , إزدهر العلم و راجت تجارته و برز الأدب و لمعت نجومه , ترجمت الكتب اليونانية و اللاتينية و ظهر التفلسف و المطارحات الأدبية و العلمية فأثرت هذه الظواهر الصحية في نفس شاعرنا و صبغت روحه بصبغة العصر.




أشعارُ الطفولة:


كتب ابن الجهم الشعر صغيراً , حبسه أبوه في أحد الأيام وهو صبيٌ صغير فكتب لأمه :
يا أمتا أفديك من أم ....... أشكو إليك فظاظة الجهم
قد سُرِح الصبيان كلهم .... و بقيت محصوراً بلا جرم
_ كتب الطفل (علي بن الجهم) لطفلة تدرس معه في الكُتاب :
ماذا تقولين فيمن شفه سهرٌ .... من جهد حبك حتى صار حيرانا
فأخذت الطفلة (البنت) الصغيرة اللوح و كتبت تجيبه :
إذا رأينا محباً قد أضر به .... جهد الصبابة أوليناه إحساناً



ب. الثقافة:

مصادر الثقافة عند ابن الجهم كما يراها الدكتور عبدالرحمن الباشا تتلخص فيما يلي :
1.إعتزاز الشاعر بالعلم و الأدب و حبه لهما :
لجلسة مع أديب في مذاكرة .....أشفي بها الهم أو استجلب الطربا
أشهى إلي من الدنيا و زخرفها ..... و ملئها فضة أو ملئها ذهبا

2.إطلاع الشاعر على القرآن الكريم
بشكل عميق و سريانه في روحه فهو يمشي من شعره كالدم من العروق:
و انفضت الأعداء من حوله ..... كحمر أنفرها قسور
مقتبس من قوله تعالى : (كأنها حمرٌ مستنفرة فرت من قسورة) المدثر آية 50 .
و لتعلمن إذا القلوب تكشفت .... عنها الأكنة من أضل سبيلا
(و سوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ) الفرقان آية 42.

3.إكثاره من قراءة دواوين الأقدمين الشعرية:
كان يديم النظر في شعر من سبقوه من الشعراء في كل العصور حتى أصبح يعلم جليه و خفيه صحيحه و سقيمه.
و أنظر له وهو يتحدى امرئ القيس:
أعاذل ما أغرك إذ ا ما .......... أتاح الليل وحشى الكلام
و عنت كل قافية شرود .......... كلمح البرق أو لهب الضرام
يثرن على امرئ القيس بن حجر .....فما أحد يقوم بها مقامي

4.رفض ابن الجهم للثقافة اليونانية:التي غزت عصره و تمسك بالقرآن الكريم و السنة النبوية و كتب التراث العربي .فلا غرو فإبن الجهم واحد من أهل السنة و رجل من رجال الحديث و خصم من خصوم المعتزلة و كل التيارات المنحرفة.




ثالثاً. دينه و أخلاقه:

كان ابن الجهم واضح العقيدة في الدين : كان متديناً فاضلاً شهد على ذلك شعره :
من سبق السلوة بالصبر..... فاز بفضل الحمد و الأجر
مصيبة الإنسان في دينه ..... أعظم من جائحة الدهر
و قال و هو مصلوباً :
لن تسلبوه و إن سلبتم كل ما ...... خولتموه وسامةً و قبولا
هل تملكون لدينه و يقينه .........و جنانه و بيانه تبديلا
إن المصائب ما تعدت دينه ........ نِعمٌ و إن صعبت عليه قليلا

أما مذهبه : فهو من أهل السنة و الجماعة يُظهر التسنن و يعتنقه مذهباً يدين به شعره كما يدين به فروض الصلاة و الصيام , و يتصل بإمام أهل السنة أحمد ين حنبل رضي الله عنه و يستفتيه فيما يعرض له من مشكلات . و من هنا عُد واحداً من رجال الطبقة الأولى من طبقات الحنابلة . و فوت عليه إيمانه بمذهب أهل السنة و الجماعة و نبذه لمذهب الإعتزال (مذهب خلفاء بني العباس في عصره) كثيراً من الفرص التي يطمح لها كثير من الرجال . فكان خليقاً بمنادمة المعتصم و الواثق لولا إختلاف المذهب .
و بلغ من حماسة شاعرنا للدين أن جرد لسانه للذب عن السنة الصحيحة و النيل من أعداءها المعتزلة و الروافض و هاجم زعماء الملل و النحل الفاسدة و تعرض لشرهم و سخطهم في سبيل دين الله و نصرة لسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم .



رابعاً: الحياة السياسية:

لم يتصل بالأمين لأنه قتل و هو صغير , و لم يبلغ سناً تؤهله لمنادمة المأمون . أما المعتصم و الواثق فكان لتباين الآراء و المذاهب سببٌ لعدم محبتهم من قبل شاعرنا و إن مدحهم لكنه من باب المجاملة لا الحب .أحب ابن الجهم الخليفة المتوكل الذي أعاد التسنن(مذهب أهل السنة و الجماعة) و أكرم ألإمام أحمد بن حنبل و أطلق من كان من اتباعه بالسجون ,فمدحه ابن الجهم مدحاً عظيماُ, حتى رفع منزلة المتوكل لمرتبة أبي بكر الصديق رضوان الله عليه :
الردة الأولى ثنى أهلها ...... حزم أبي بكر و لم يكفروا
و هذه أنت تلافيتها ........ فعاد ما قد كان لا يذكر
و لم تقف صلة الشاعر بالمتوكل عند مديحه و نيل جوائزه , و إنما غدا من خاصة رجاله . و كان تقريب الخليفة المتوكل لإبن الجهم و محبته إياه باعثاً لحقد و حسد ندماء الخليفة و نقمتهم لشاعرنا.
-أعداء علي بن الجهم :
التقى على عداوة الشاعر كل أطياف الطبقة العليا في العصر العباسي :
الخصوم السياسيون :
1. الطالبيون( تيار سياسي ) 2. الطاهريون ( تيار سياسي) 3. ابن الزيات ( وزير دولة مرموق)
أعداء المذهب:
1. المعتزلة (الذين يقولون بخلق القرآن ) 2. الروافض 3. النصارى
خصوم المهنة (الشعراء):
البحتري مروان ابن ابي الجنوب ...و غيرهم كثير
فقال ابن الجهم يصف كثرة أعدائه :
تضافرت الروافض و النصارى .... و أهل الإعتزال على هجائي
و عابــــوني و ما ذنبي لديــهم ..... سوى علمي بأولاد الزناء

( لم يناصر علي بن الجهم سوى ابا تمام فقد كانا على نفس المذهب و بينهم حب و إحترام ).


خامساً . غضب المتوكل علي صديقه:
استمر أعداء علي بن الجهم في حبك المكائد و السعي لإغضاب الخليفة المتوكل على صديقه فما زالوا به حتى سُجن فقال :
قالت : سجنت ! فقلت : ليس بضائري..... حبسي و أيُ مهند لا يُغمدُ
ثم نفاه الخليفة المتوكل إلي خراسان فلاحقته الدسائس و طارده الطاهريون حكام خراسان فصلبوه بباب الشاذياخ و اجتمع الناس ينظروه فقال و هو على الخشبة مصلوبا عرياناًً:
لم ينصبوا بالشاذياخ صبيحة ........ الإ ثنين مغموراً و لا مجهولا
نصبوه بحمدالله ملء عيونهم ...... .شرفاً و ملء صدورهم تبجيلا
ما ضره أن بُز عنه لباسه ....... فالسيف أهول ما يُرى مسلولا

فوصلت الأبيات لطاهر بن عبدالله فقال لجنده : ( لا حيلة فيه ! أنزلوه و أخلعوا عليه) فأُنزل و خلعوا عليه و صالحوه و نادموه )


سادساً: آخرُ حياته و إستشهاده:

بعد كل هذه الحياة الحافلة و الأيام الصاخبة و الليالي المتقلبة, و الخصومات المثيرة و الصراعات الدامية مع كل من يراهم الشاعر خطرا على الدين و السنة النبوية المطهرة و الخلافة العباسية و الإنسان البسيط و الشارع البغدادي الذي أحبه كثيراً .
و بعد كل ما عاناه الشاعر من حقد و دسيسة و حسد لشخصه كونه شاعراُ و نديما للخليفة و ينحدر من قريش و وسامته الفاتنة و جرأته و شجاعته . قاسى شاعرنا السجن و النفي و الصلب و ظلم الحكام و الاستهانة بأقدار ذوي الأقدار كل هذا و ذاك كشف لشاعرنا العظيم وجهاً أخراً كالحاً للحياة .فسودت الدنيا في عينه , روى ابو الفرج الأصفهاني أن الشاعر (ابن الجهم) كان يذهب و هو في خراسان إلي المقابر و يجلس بين القبور منفرداً , و قد رأه رجل على تلك الحال . فقال الرجل : ويحك ما يجلسك ها هنا؟

فأجابه الشاعر :
يشتاق كل غريب عند غربته .......و يذكر الأهل و الجيران و الوطنا
و ليس لي وطن أمسيت أذكره ........ إلا المقابر إذ صارت لهم وطناً

عاد لبغداد من خراسان ( منفاه القسري) فوجد الناس غير الناس و الزمان غير الزمان و تنكر له الأهل و الأصحاب فعاش وحيداً إلا من نفسه و خالياً إلا من شعره , لا يذكر قصراً و لا يتملق وزيراً .أما المتوكل فغدر به من حوله و سطى عليه الجند فقتلوه فثارت كوامن ما أندفن من حبه للخليفة الذي نصر السنة لا المتوكل الذي سجنه و شرده فقال فيه المراثي العذاب و الشعر الذي يداني السحاب .

ألهفاً و ما يغني التلهف بعدما ... أًذلت لِضبعان الفلاة أُسودها
عبيد أمير المؤمنين قتلنه ..... و أعظم آفات الملوك عبيدُها
فيا ناصر الأسلام غرك عصبةٌ ... زنادقة قد كنت قبل أذودها

في سنة 249 للهجرة هجم الروم على ثغور المسلمين بعد مقتل المتوكل على أيدي جنوده و حاشيته وقعدوا عن الجهاد . تحركت قوافل المجاهدين من المساجد يحدوهم الأمل في النصر و الرغبة في الثأر و الشوق للقاء الله رأى شاعرنا كل هذه الأحداث _ وقد جاوز الستين _ تمور من حوله و هو الشاعر الشجاع الذي و قف في وجه الروافض و المعتزلة و النصارى و كل عدو خفي و جلي لهذا الدين بقافيته و رويه .
وجدها فرصة سانحة للقتال دفاعاً عن دين الله و سنة نبيه في ميدان جديد فأمتطى فرسه و تقلد سيفه و هز رمحه و عانق قناته و ارتدى ترسه و اتكأ على قوسه و أردف نبله و سهامه و يمم شطر الشام نحو الثغور و في الطريق هاجمتهم الأعداء من كل فج و مكان و هرب من معه من القافلة يصرخون النجاء النجاء .... و التأريخ يكتب و الدهر يشهد و علي بن الجهم صامت كالبحر يحتوي أعدائه ليطويهم بسيفه ... شامخ كالطود(الجبل) الأشم يحمي شرفه و دينه و أطفال المسلمين .... ينظر حوله هرب الناصر و أقبل أعدائه في حر لاهب و جو صاخب و عدو واثب ..... العرق يتفصد من جبينه جمان والقلب يخفق لا بل يصفق يقول : يا علي بن الجهم( يا ناصر السنة و كابت المحنة) الآن ألآن ... يا فارس الزمان في حومة الميدان ..... إقتربت الجيوش و علي أستأسد كالوحوش ... يصرخون فيزمجر ... يفرون و يكر .... خناجرهم ترعد و سيفه يبرق .. وجوههم كالحة و ثغره باسم يتطاير من سيفه شرر و من فمه درر :
و لما رأيت الموت تهفو بنوده ........ و بانت علامات له ليس تنكر
و أقبلت الأعراب من كل جانب ...... و ثار عجاج أسود اللون أكدر
فما صنت وجهي عن ظبات سيوفهم ... و لا انحزت عنهم و القنا تتكسر

كسر الأعداء فثاب الأخلاء و دارت الدائرة على الخصماء. في صبيحة اليوم التالي شمرت الحرب و كشرت المنية فإذا طعنة غادرة و خنجر فاجرة تصيبه في مقتل حمل ينزف دماً و هو يبسم اللهم خذ من دمي حتى ترضى .... في السحر و حين تتنزل الملكوت السماوي و الجبروت الإلهي و النفحات الرحمانية و الألطاف الربانية حين يبسط كريم الأرض و السماوات يداه هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له هل من تائب فأتوب عليه ..... زحزح الفارس الصريع جسده بشق الأنفس و ألقى بروحه بين راحتي ربه و مولاه (أشهد أن لاإله إلا الله و أن محمد رسول الله ) فبكاه الدين ونعاه و ناحت السنة لفرقاه و قام للشعر مأتم وكل شاعر رثاه و نعاه :
من شعري أذكر فنه و عشقه :

اين الرصافة سامراء و الجسر ..... بها المهاة لإبن الجهم يبتسم

من شعري أخلد موقفه البطولي يوم صمد هو و طائفة من المسلمين يقودهم الأمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهم أجمعين :

هذا ابن جهم لإبن حنبل ينتصر ..... في محنة القرآن خير يغرس



سابعاً: من شعره رحمه الله تعالى :


_عيون المها بين الرصافة و الجسر ..... جلبن الهوى من حيث أدري و لا أدري
أعدن لي الشوق القديم و لم أكن ........ سلوت و لكن زدن جمراً على جمر
خليلي ما أحلى الهوى و أمره ........... و أعلمني بالحلو منه و بالمر
و ما أنا ممن سار بالشعر ذكره ......... و لكن أشعاري يسير بها ذكري
و للشعر أتباع كثيرٌ و لم أكن ........... له تابعاً في حال عسر و لا يسر
و ما الشعر مما أستظل بظله ........... و لا زادني قدراً و لا حط من قدري


_ وأنكر إغفال العيون مكانه ........ و قد كن من أشياعه حيث يمما
هو الدهر لا يعطيك إلا تعلة ......... و لا يسترد العُرف إلا تغنما
و من نافس الإخوان قل صديقه ....... و من لام صبّاً كان ألوما

_ للدهر إقبالٌ و إدبارُ ...... و كل حال بعدها حال

_ ألا عللاني و الكريم يُعَلَّلُ ..... و لا تعذلاني ما يحل و يجملُ
و إياكم و الخمر لا تقربانها ... كفى عوضاً عنها الشراب المعسلُ




الخاتمة: لم يكن القدماء مغالين حين أجمعوا علىّ أن علي بن الجهم شاعر فصيح مطبوع عذب الألفاظ غزير الكلام .

و صلى الله على سيد الأولين و الآخرين محمد بن عبدا لله الأمين , و الحمد لله رب العالمين
الرجوع الى أعلى الصفحة
مواضيع مماثلة
    صلاحيات هذا المنتدى:
    لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى